بَعَجَ: شَقَّ. بَعَجَ بَطْنَه: أي شَقَّها فانْدَلَعَت أو بَرَزَت أَحْشَاؤُها.
لماذا الأُمَّة مَبْعُوجَة، بِمَعْنَى أنَّها مَشْقُوقَة أو مَسْرُودَة، وإنْ شِئْتَ مَطْعُوجَة بمَعْنَى أنَّها مَضغُوطَة ما بَيْنَ قُوَّتَيْن، ويمكنك القول بأنَّها مَفْعُوصَة؟! والعجيب في أَمْرِها أنَّها تُكَرِّر ذات السلوك وتُلْدَغ من جُحْرٍ واحدٍ أَلْفَ مَرَّة ومَرَّة!
فلماذا هذا الكلام عن أُمَّةِ العَرَب والإسلام؟
لأنَّها أُمَّة مُستَعْمَلَة من قِبَلِ القِوَى الأخرى لتحقيق الانتصار على بعضها البعض، ويمكنها أن تتَحَوَّل بسهولة إلى عَدُوَّة لِذَاتِها وموضوعها. والأَدِلَّة على ذلك أنَّها تَحَقَّقَ استخدامها في الحرب العالمية الأولى للنَّيْلِ من الدولة العثمانية وتحقيق هزيمتها أو كَسِيرَتِها، وبعد ذلك تَمَّ الاسْتِفْرَاد بها واسْتِخْرَادُها ووَضْعُها تحت طائلة مُعاهَدَة "سايكس بيكو"، وتحَوَّلت إلى شَذْر مَذْر، ولا تزال في تفاعلات انشقاقِيَّة وانفعاصات داخلية مُرَوِّعَة.
وفي الحرب الباردة تَكَرَّر استخدامها من قِبَلِ الدول المُعادِيَة للاتحاد السوفياتي، ووَظَّفُوا إِسْلَامَها للنَّيْلِ من الشيوعية. وبَلَغَت ذُرْوَة التَّوْظِيف عندما احْتَلَّ الاتحاد السوفياتي أفغانستان. وبعد انهياره حَصَل ما حصل من تَدَاعِيَات وانفراد بالأُمَّة من قِبَلِ القِوَى التي وظَّفَتْها للوصول إلى أهدافها، فوَقَعَت الواقِعَة، وصارَت مُعاهَدَة سايكس بيكو حُلُمًا ورَحْمَة.
فالأُمَّة بين كَمَّاشَتَيْن قَوِيَّتَيْن حامِيَتَيْن، وتتَمَتْرَسُ بالوَهْمِ والضلال، وتَدَّعِي المُحَال، وما هي إلَّا دُمْيَة تُحَرِّكُها القِوَى اللَّاعِبَة بها وفيها. واليوم تنطَبِقُ عليها القُوَّتَان اللَّتانِ كانتا مُتصارِعَتَان، وانْقِضاضُهُما مَرِير وشَدِيد، ولِكُلٍّ منهما ثارات وتَصْفِيَة حسابات مع الأُمَّة المُستَعْبَدَة بالأقوى والمُسَخَّرَة لتَمْرِير أَجِنْدَات الطَّامِعِين بها. وهي كالمُنَوَّمَة المُخَدَّرَة بالأبَاطِيل، والمَحْقُونَة بأَفْيُون الدِّين ومُشتَقَّاتِه الطائفية والمذهبية وغيرها من مُسْتَجَدَّات العقاقير الإِدْمانِيَّة المُدَمِّرَة للعقل والروح والقلب. ولا تزال لا تستوعب أنَّ قُوَّتَها في عُرُوبَتِها واتِّحادِها واعتِصَامِها بِحَبْلِ وجودها القويم، وبِتَكَاتُفِها والتفكير العاقل بمَصَالِحَها ومستقبل الأجيال. ولا يمكنها أنْ تفهم أن قُوَّتَها كامِنَة فيها، ولا يمكن لأَيَّة قُوَّة أخرى أن تمْنَحَها ما ليس فيها من الاقْتِدَار.
فالأُمَّة مَبْعُوجَة ومَطْعُوجَة، وعليها أن تَسْتَفِيقَ وتُرَمِّمَ ذاتها وتُصْلِحَ كَيَانها الذي خَرَّبَتْهُ الحروب. وبإرادة حياة يمكنها أن تكون. فهل من عَقْلٍ عَزُومٍ رَشِيدٍ؟ أَمْ أَنَّ الغباء هو السعيد؟!
واقرأ أيضاً:
الاعتماد المُتبادَل! / البشر الطائر!! / الطعام يا عَرَب!