شبح كاتبة
لم أعلم يوماً لم أكتب أحياناً بكثافة، وأحيانا لا أصلِ لقلمي ولا اجد للكتابة سبيلأً.
ثمة الكثير من الكتاب وأنا شبح كاتبة، كاتبة بلا قراء، ولست مهتمة بكَم القُراء، لست العظيم أحمد خالد توفيق ولن أكون جزءاً من لوحة فسيفساء أتقن رسمها وخَلدها، كيف لطبيب يحمل مبضع جراحة أن يكون كاتبا بروعتك يا صديقي، هي مصر أم الدنيا، تدهشك بأهلها.
لست سوى القلم االذي تُسَكن الكتابة جروحه، حديث القلب لمن لا أعرف ولا يهمني أن أعرف الكثير من البشر، اختزلت هذا العالم واخترت الانطوائية.
أظنني لو كنت صديقة إحداهن سأكون مُسلية، أعرف جيداً كيف أنتزع ابتسامة ولربما ضحكة ولربما قهقهة، لست كوميدية، إنما قيل لي تعرفين كيف تزرعين الابتسامة. لربما لو حادثتك لوجدت حديثي شيقاً ومُمتعاً وهذا ما أسمعه كثيراً عندما يقرر القدر تَصادمنا مع كائن بشري، حاولت انتزاع بعض الضحكات لنفسي وما استطعت لذلك سيبلاً.
الحياة القاسية على الجميع فلست لوحدي، فلقد خلق الإنسان في كَبد. فلم لا أرى أي جمال ينمو هنا أو هناك ولا يلفني سوى نسيج فقدان الأمل.
ألوم نفسي كثيراً لحزني اللامنتهي، وللضباب الذي يدثرني، لم يسقط صاروخٌ صهيوني فوق رأسي وتناثرت أجساد أحبائي، لم تقصفني صواريخ الحوثيين في بيتي، لم أسجن في سجون نازية، لم أعش حربا، ولم أفقد عزيزاً، نعم أصارع مشاكل الحياة كأي بشري خلق على هذا الكوكب البائس..... فلم أوجاع الروح كسياط لا تعرف التوقف ؟
لعله الدوبامين، تباً لك، كيف لناقل عصبي وإخوته أن يُحيل حياتك جحيماً. وقهوتك قُطراناً، وشروق الشمس مَغيباً، وموج البحر موتاً وغرقاً، والربيع شتاءاً، وحبات المطر الرقيقة فيضاناً، ونسمة الهواء العليلة إعصاراً، والحياة مقبرةً، والفن لحناً جنائزياً، ووردية الربيع ثوباً قوطياً وشَهد النحل سُما قاتلاً، والموت حدثاً سعيداً.
لم اختارني أنا بالذات، لِم؟ لَم يسمح لي بالحياة، لِم ألبسني ثوب الموت باكراً، وأسكت صوت الحياة في مهدها.
كلما طل صباح جديد تشتد أزمة الكآبة تصل ذَروتها، فلقد كتب لي بعداد العمر يوماً جديد، الإكتئاب يلوث الحواس، ويقتل الإحساس..... تفوح رائحة القهوة باكرا جداً في صباحي القاتم وأخرج لأرقب شروق الشمس، وهي تعلن حياة جديدة على كوكبنا الأزرق علها تمدني بدفء لعروقي المتجمدة ويبقى الحال هو الحال.
ثمة من سيولد اليوم ويبدأ رصيد العمر وسيموت الكثير لنفاذ رصيد العمر، وولدت أنا بلا رصيد، وحاولت الحياة ووقعت للأسف صكوك وشيكات دون رصيد فكان السجن مصيري وقضبان الحزن جدران بيتي.
أخبروا الدوبامين أو أيأً ما كان سبب هذا العبء، إليك عني، دعني أرى القليل من بقايا هذا العمر، ولا تنحدر كثيراً فتقتلني فلست من المهرطقين، فِعلا تباً للدوبامين.
واقرأ أيضاً:
امرأة متمردة / قهوة قلبي سادة / صباح يشرق فيه حبيبي