العديد من الأخوة الكتاب وذوي الأقلام الناشطة في ميادين المعرفة المتنوعة، يتناولون مفاهيم عتيقة عبرت عنها مسيرة الأمة في مراحلها السابقة، وتطرح وكأنها جديدة أو غريبة عن مجتمعاتنا، وهذا الأسلوب الاقترابي عدوان على جوهر الأمة وحقيقة دورها وقيمها ومعانيها.
فالمفاهيم المطروحة قديمة، وكان العرب من روادها الأوائل والذين وجهوا أنظار البشرية نحوها، وألهموا عقول نخبها تفعيل العقل لتنطلق به إلى آفاق الحياة.
وهذا يعني أن أبناء الأمة يساهمون مع الآخرين في انتزاع الأمة من ذاتها وموضوعها، وتمييع جوهرها الإنساني والإدراكي السبّاق لغيرها من الأمم.
فالأمة قدمت ضوابط سلوكية ذات معاني إنسانية نبيلة سامية، أنست بها أقوام البشرية، وتوافدت نحوها أفواجا أفواجا، فاحترمت العقل والمعتقد والرأي الآخر، وأوجدت صيغا وحلولا رحيمة للتوافق ما بين المتناقضات أو المتباينات الاعتقادية وغيرها. وفي كتابها نصوص تؤكد على ذلك، وفي تطبيقاتها الواعية لجوهر الأفكار القرآنية، قدمت نماذج راقية في التعامل مع الآخرين.
وقد جرت ماكنة التشويه والتزوير لحقيقتها وما قامت به أجيالها، وما أوجدته من إنارات ومشاعل معرفية أصيلة على هديها مضت الشعوب والأمم، ولا يمكن نكران دورها مهما تحامل عليها المتحاملون، وتآزر ضدها الشعوبيون الغادرون.
فمبادؤها ومنطلقاتها سادت الدنيا لأربعة عشر قرنا أو يزيد، ولا تزال إرادتها الإنسانية نابضة ويُستوحى منها وتتمثلها أمم عديدة، فلا توجد خطوة حضارية في أرجاء المعمورة تخلو من لمسات وتأثير روحها وقيمها.
وأكثرهم يشترون منا ويبيعون علينا، وأبناء الأمة صاروا يسوّقون ما يُعاد تصنيعه وتوريده إلينا، لتهميش وجودنا وتحطيم إرادتنا، ويحسبون ما يقومون به فكرا ومعارف ذات منفعة، وبهذا يطعنون وجودهم بأيديهم وهم في غفلة سادرون.
فهل لنا أن نعي دورنا، ونبتعد عن القيام بما يُراد لنا أن نقوم به، لسحق الهدف بمكوناته وعناصره الفاعلة فيه.
وإن الأمة بخير عندما يقر أبناؤها بأنهم أوفياء لرسالتها الحضارية الساطعة!!
10\8\2021
واقرأ أيضاً:
الكرسي والإنسان!! / التاريخ وعيون العقل!!