الاستعمار المباشر مكلف ويستهلك وقتا وطاقات، وبعد الحرب العالمية الأولى، وخصوصا في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، توصلت القوى المعروفة إلى ما يسمى بالاستعمار غير المباشر، الذي تطور بعد الحرب العالمية الثانية ليكون استعمارا ذاتيا. أي أن الدول المُستهدفة تقام فيها أنظمة حكم تؤمِّن انسياب ثروات بلدانها إلى الدول المتحكمة بها.
ولهذا نجد الأنظمة لا تستثمر في مجتمعاتها، وإنما تضع ثرواتها في بنوك تلك الدول، التي ستجد ما يبرر الاستحواذ عليها، وبهذه الطريقة ذهبت مئات المليارات للدول التي تسمي نفسها ديمقراطية، وما تأخذه من الدول المغلوبة على أمرها بأنظمة حكمها لا يمكن تصديقه أو تخيله. فثروات البلدان المُبتلاة بأنظمة حكم الاستعمار الذاتي، تُهدر بشراء الأسلحة المنتهية الصلاحية، ويتم تجميدها في البنوك إلى حين تجد الفرصة لأخذها.
ولو بحثتم في عدد المليارات المنهوبة، لأصابتكم الدهشة والذهول. إنها مئات الملايين تذهب إلى تلك الدول، ومن لا يفعلها لا يستمر في الحكم لأسبوع. هذه حقيقة مغيبة ومطموسة، تفسر لماذا الثراء فاحش للبعض، والفقر المدقع للكثرة، في المجتمعات التي تحسب ثرية وفقا لأبسط التقديرات.
ثرية بالاسم أو على الورق، وأرصدتها في دول أسياد أنظمة حكمها، وشعوبها تعاني من الحرمان من أبسط حقوق الإنسان، وهذه الأنظمة الحاكمة تُشَجَع على الفساد، وسرقة المال العام، وتقدير الرذيلة واحتقار الفضيلة، ونشر ما يلهي الناس ببعضهم، ويمنعهم من المطالبة بحقوقهم، ولهذا أصبحت الديمقراطيات وبالا عليهم.
إنه الاستعمار الذاتي الذي يقوم بتنفيذه أبناء المجتمعات المُستهدفة من أجل البقاء في السلطة إلى حين!!
د-صادق السامرائي
11\8\2021
واقرأ أيضاً:
التاريخ وعيون العقل!! / المفاهيم العتيقة وفخ الوقيعة!!