الكراسي المتسلطة على مصير المجتمعات في المنطقة، تتمتع بأمية جغرافية وتأريخية للدولة التي تتسلط فيها، فلا يوجد مَن سينجح بامتحان الجغرافية والتأريخ للبلد الذي هو فيه.
وهذه عاهة كبيرة مؤثرة في السلوك العام للكراسي بأنواعها، فعندما تجهل جغرافية المكان وتأريخه، فستكون كالغريب فيه، وتتصرف مقطوعا عنه، ورؤيتك ستصبح أنانية وعدوانية لأنك لا تفهم محيطك، ولا تدرك المجال الذي تتحرك فيه، فتصاب بالتوجسات والشكوك وتنتكس إلى الاستجابات الدونية، الخالية من الوعي والقدرة على التقدير والتقييم والفهم.
ومن المعروف أن القادة والزعماء الذين انتقلوا بمجتمعاتهم إلى آفاق متنورة ومتطورة، هم الذين استوعبوا جغرافية وتأريخ الوطن الذي حكموا فيه. ويأتي في مقدمة هؤلاء الرئيس الصيني (ماو) الذي كان مستوعبا لجغرافية وتأريخ الصين ومدمنا على القراءة، ومن أمثاله قادة أفذاذ انتقلوا بحياة شعوبهم إلى مصاف الدول المتقدمة، كما في دول شرق آسيا، وغيرها.
وفي مجتمعاتنا لا يوجد مَن استوعب تأريخ بلاده وجغرافيتها، وتفاعل مع المجتمع بإرادة وطنية ذات قيمة حضارية، وإنما الحالة تتكرر ولا تتغير، ويكون الجالس في الكرسي كالمراهق المنفعل، الذي لا يعنيه سوى الدفاع عن موضعه والنيل من خصمه، والإنقضاض الشرس على مَن يتقدم نحوه.
أما البلاد والعباد فأمورها لا تعنيه، لأنه يجهلها ولا يفهم ما يدور فيها، بل لا يعرف الرقعة التي يفرض سلطاته عليها. وبهذا الجهل يعم الفساد وتنفرط المعاني القيم، وتتمزق اللحمة الوطنية، وتنتفي المصالح المشتركة، ويبدو الواقع متوحلا بالصراعات الدامية، التي بموجبها يتمكن الجاهل ببلاده أن يحكم ويتأسد إلى حين.
ولا يمكن لنظام حكم أن يقدّمَ خيراً لبلاده إن لم يستوعبه جغرافيا وتأريخيا، وبدون هذا الفهم والوعي الموضوعي الواقعي، فإن البلاد تبقى محطوبة في سعيرات التداعيات الحامية الوطيس.
فهل من فهم لتأريخ وجغرافية المكان يا كراسي ؟!!
14\12\2020
واقرأ أيضاً:
14\12\2020
واقرأ أيضاً: