كم من الزمن تحتاج الأمة، لتكمل تعليمها في مدرسة الديمقراطية، وتحصل على شهادة تخرجها بامتياز؟ الديمقراطية بمعنى حكم الشعب، سلوك لم تتعود عليه البشرية، ولا تزال النسبة الأكثر من أنظمة حكمها ليست ديمقراطية.
وبدأ في فرنسا منذ الربع الأخير من القرن الثامن عشر(1789 - 1799)، وأخذ بالإنتشار في المجتمعات الأوربية، وتسبب بمواجهات دامية وثورات قاسية، حتى وصلت بعضها إلى مصالحة نسبية، وكان القرن العشرون الممهد الحقيقي للانتقالات النوعية في الفهم الأوضح للمعاني الديمقراطية، ومع ذلك أوجد حالات استبدادية كما في ألمانيا وإيطاليا.
والمجتمع العربي بدأ مسيرته الديمقراطية الجديدة منذ مطلع العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وقد قطعت دوله أشواطا طيبة في مسيرتها التحررية، وفرض الإرادة الجماهيرية، وبعضها لا يزال يعاني من التداعيات البالية والانزواءات الضيقة، بسبب ضعف الدولة وميوعة القانون وهوان الدستور.
والسؤال: هل ستبلغ أمة العرب هدفها الديمقراطي؟
والجواب : نعم وبتأكيد وبثقة مطلقة!!
فالأمة وضعت خطواتها على الطريق الصحيح، وستعبّده بإرادتها المتوثبة، وبفكرها المتفاعل مع العصر، وبعزيمة شبابها الطالع إلى المستقبل بروح الإيمان والإخلاص والتحدي، والقدرة على صناعة ما يريده، وسينجز آماله وطموحاته، ويقرر مصيره. وهذا يعني أن على نخبها طرد اليأس، والانطلاق بإبداعات الأمل والتفاؤل، والقدرة على بناء الحاضر الأقوى والمستقبل الأقدر. فلا يجوز لها أن تنتحب وتنشر المرثيات والإبلاسيات، وأدبيات القنوط الاستسلام لما هو مرير، واستلطاف العاديات وتبريرها وتسويغها.
فقطار تحرير الأمة من ويلاتها يسير على سكة الانتصار على المعوقات، وتحطيم جدران التواصي بالذل والانحطاط.
والأمة بخير، وستبني تجربتها الديمقراطية المعاصرة، وإن بذلت أغلى التضحيات