تأسّن: إستنقع وتعفن
ظاهرة سلوكية فاعلة في الوعي الجمعي للأجيال، يعززها المثقفون والكتاب والمفكرون من أبناء الأمة.
وخلاصتها أن الأمة غير قادرة على أن تأتي بجديد معاصر يعالج مشاكلها ويواجه تحدياتها، فتتدحرج متقهقرة إلى الوراء، وترى أن الذين عاشوا في تأريخها منذ عدة قرون، يمتلكون الحلول لمشاكلها المعاصرة.
فهذا يرى أن على ابن رشد أن يستيقظ ، ليعالج ما نحن فيه من أوجاع فكرية وتداعيات هذيانية وضلالات.
وآخرون يحمّلون ابن خلدون مسؤولية ما نحن فيه، ويستخدمون طروحاته ونظرياته لتسويغ وتبرير نكباتنا، وكأن ما قاله قبل أكثر من ستة قرون عليه أن يحضر ليعفينا من المسؤولية.
فهؤلاء منشغلون بحل مشاكل الأموات والاندساس في الأجداث، وكأن الأرض لا تدور، والزمن متصمل في مكانه، الذي يريدونه أن يعود إلى حاضر لا يعرفه ولا يدريه.
وما أن تتناول موضوعا حتى ركلوه عشرات القرون إلى الوراء!!
فما هذا التقهقر والابتلاء؟
ولماذا التوحل بما مضى وما انقضى؟
أمة تتوافد فيها العقول، وقد تحنطت وتعطلت قدراتها، واستدارت إلى الخلف البعيد، واستحضرت عدسات الغابرات، ونظرَت بعيون الرميم، وتحسب أنها تجيد وتفكر وتأتي بما يفيد.
إن ما يجري في واقع الأمة يشير إلى تأسّن الأجيال، وتورطها في مستنقعات لا يتحقق الخلاص من وبالها إلا بردمها، وإبادة ما فيها من العظايا والآفات والحشرات.
إن الحياة نهر متدفق الجريان، لا يقبل التركّد في حفر بائسة شنعاء.
فعلينا أن نفعّل عقولنا، ونحترم ماضينا، لا أن نتساقط فيه، كأننا البعوض الذي يحترق بالضياء.
إننا بشر معاصر، لديه عقل وإرادة، وطاقات عليه أن يفعّلها ويطلقها لتصنع رسالتها الوضاءة.
فالأجداد نأخذ منهم العِبر، وليسوا مطبات لإسقاطنا في الحفر!!
فهل من وثبة نكون؟!!
3\8\2021
واقرأ أيضا:
الكراسي المعوَّقة لغويا!!ٌ / الأمة ومدرسة الديمقراطية!!