قال القلم أني أكتب لأني أكتب، وطبعي الكتابة، ورسالتي الكتابة، وصنعتي الكتابة، فلا تسألتي لماذا أكتب!!
أنا لا أكتب من أجل غاية في نفس ألف يعقوب ويعقوب، بل لأني أحمل رسالة فكرية ثقافية تنويرية، وما يعنيني إزالة الظلام من أروقة العقول، واكتساح الضلال والبهتان بالدليل الدامغ المبين.
أكتب، ولست من الساعين إلى حمدٍ وشكورٍ، فالكتابة بالكلمات الطيبة صدقة جارية، فاحذر الكلمات الخبيثة السيئة لأنها تورث الوجيع.
أكتب لأطبب جراح النفوس، وأأسوَ دمامل الأعماق، وأستفرغ أقياحها الفاعلة في سلوك أصحابها، والمدمرة لواقع الحياة الذي تكون فيه.
فالكتابة تنصف نفسها بأسلوبها، وبقدرتها على وضع الأفكار في كلمات وعبارات مشرقة، تبعث الأمل وتمنع إرادة الضياع والهلاك. ومَن يكتب يمتطي حصان ذاته وموضوعه، ويصول به على مواطن العثرات والتفاعلات الساعية لتدميره وإنهاكه، واستلاب قدراته.
الكتابة نضال، ولها ثمنها وتضحياتها، والكاتب الحقيقي يعيش مقاساة وحصارات ومضايقات وتحديات مريرة، وقد يُلقى في تنور الإهلاك والإنمحاق كما جرى لابن المقفع. أما الذين يحسبون الكتابة نزهة ومجاملة واستعراض للعضلات النفسية والعاهات الشخصية، فعليهم أن يكسروا أقلامهم ويناموا في خيام أحلامهم السرابية.
الكتابة مسؤولية ونزيف متواصل، وانسكاب جارف وأليم على السطور، وأحيانا احتراق وتناثر جمرات بهيأة كلمات.
الكتابة نار ينسجر فيها الكاتب ليبعث نورا ويساهم في وضع لبنات الحياة الحرة الكريمة، فذوي الأقلام الصادقة يقاسون ويواجهون ولا يتنازلون أو يحابون وينافقون، كما يفعل المجرَدون من المواقف والذين يغرفون أينما يميلون، فهم طاعون الكتابة وسرطان الأقلام، وما أكثرهم في المجتمعات المصابة بالانكسارات وتفاعلات الهوان والخذلان.
إن القلم النزيه له موقف صريح لا يتنازل عنه، وكلما زادت الأقلام ذات المواقف المنيرة، تقدمت المجتمعات وأوجدت الطاقات اللازمة لصناعة الحياة.
فهل من أقلام ذات مواقف وانطلاق للأمام؟!!
واقرأ أيضاً:
الصناعة والعرب!! / السلوك الأرضوي!!