بناء الدولة يكون بقائد بطل، يصوغ سبيكة الوجود الوطني في وعاء الدولة المتين، الذي يكون غطاءه الوطن، فيتحقق التفاعل فيه وتُنسج الإرادات وتنطبخ لتكون معبّرةُ عن جوهر الإنسان، وتطلعات الجماهير المعبأة بالطاقات والقدرات الواعدة.
دول الدنيا بنتها إرادات إنسانية متواشجة متماسكة متشابكة، معتصمة بوعي وطني فولاذي، تأبى أن تتجاوز معطياته العزيزة القديرة. والإرادات الإنسانية لا بد لها من قائد يؤججها ويخلّقها، ويؤهلها للانطلاق الإيجابي في مرابع الوجود الوطني المِقدام.
وكل مجتمع يلد قائده، فالطاقة النفسية المتولدة في أعماق البشر تتآلف وتتكاثف لتصنع مَن يمثلها، وستجود مفردات المكان وعناصر الزمان بالظروف المواتية لتأمين الولادة الوطنية القيادية الأصيلة.
وهذا يعني أن المجتمعات مهما مرّت بصعوبات وانتكاسات، فإنها ستستجمع قوتها، وتزاوجها بما يلوح في آفاق خيالها من رؤى وتصورات إنسانية، تسعى لتأكيدها وتثويرها وبناء صرح طموحاتها بواسطتها.
ومجتمعاتنا العربية لا تختلف عن غيرها، فكلما اشتدت عليها الويلات والتداعيات، فإن طاقاتها النفسية ستتكاثف وتتفاعل، وستصنع قادتها الأبطال المقتدرين المتوافقين مع إرادات الزمان والمكان، وبهم ستتقوى وتتوثب نحو ما تكنزه في جوهرها الحضاري الثري المبين.
ووفقا لذلك، فالتفاؤل ديدن الأجيال، وطاقتها الدافعة نحو مستقبل أفضل، فيتوجب عليها الإيمان بأنها ستكون ولن تهون، وما تمر به من ضرورات شحنها وشدها بقوة نحو أهدافها السامية، وتطلعاتها العزيزة الباهية.
وعلى النخب أن تستقي من معين الاقتدار والثقة العالية بالأمة، وتتواصل في شحذ الإرادات بالمعاني الإيجابية، والتفاعلات الاعتصامية بحبل الوجود الإنساني الحضاري السامق.
ترى متى سيحين أوان قدوم القائد الذي سيستنهضنا من رقدة العدم؟
أظن موعد ظهوره بات قريبا، لأن معطيات التداعيات والأزمات قد بلغت ذروتها، التي ستصنع القائد المقتدر العزوم. فالتأريخ يصنعه الأفراد المؤهلون روحيا ونفسيا وفكريا، ولن تصنعه الجماهير مهما توهمنا، فالأفراد قادة الميادين ومَن فيها من التابعين!!
ومبروك للقائد الموعود!!
واقرأ أيضاً:
الصناعة والعرب!! / السلوك الأرضوي!! / قال القلم