مشكلة الأمة الحقيقية والجوهرية في نخبها، وأخص منهم المفكرين والفلاسفة والمثقفين بأنواعهم، فهم أعداء أمتهم عن قصد أو غير قصد.
نعم مصيبة الأمة وبليتها في نخبها!!
فهم من المفترض أن يكونوا مشاعل تنير دروب الأجيال، وتساهم في صناعة الحاضر والانطلاق الأروع نحو المستقبل. وكثيرا ما نقرأ لكتّاب ومفكرين وفلاسفة واختصاصيين، وخلاصاتها، أنهم يبررون ويسوّغون ويرجمون بالغيب، فيعممون ويسقطون، ويرون بأنهم قد أنجزوا شيئا، ولكل منهم مشروعه المرفوف على أكتاف الإهمال والتغييب، وما عندهم مشروع مشترك له قيمة حضارية.
وعلى ذات الشاكلة نقرأ كتابات تسمى نفسية، لمن يجسبون أنفسهم من الخبراء والعارفين نظريا في هذا الميدان المعقد، وأكثرهم من المتأثرين بنظريات التحليل النفسي، التي طغت على كتابات القرن العشرين، وعفا عليها الزمن وداستها سنابك العلم المنير.
كتابات يمكن القول عنها إنشائية بحتة، لا تعتمد على أدلة وبراهين موضوعية ذات قيمة معرفية، وتحاول خداع القارئ بأنها حلّت عقدة هذه المشكلة أو الموقف والحالة، وتبرر وتفسر وتعزز رسوخها ونكرانها، وتزيد من آثارها السلبية والتداعيات الناجمة عنها.
ولا تخرج معظمها من تخريف الازدواجية، وما يتصل بها من أوهام وهذيانات تسمى معرفية ونفسية.
إن الذين يكتبون إنشاءً نفسيا عليهم أن يحترموا القارئ، وإسناد ما يكتبونه على حقائق علمية، بدلا من النظر في حالة ما وتعميمها على الأمة.
فالأمة المبتلاة بنخبها لا تختلف عن غيرها، فالبشر هو البشر، والأمة بمجموع أفرادها، وليست خيالا وتوهما، فتجد العديد من أبنائها وكأنها ليست أمتهم، فيتحدثون عنها بتعالي وسلبية وعدوانية كامنة، ولا يستطيعون تقديم حل لأبسط مشاكلها، وعندما تواجههم يقولون أن دورنا التفسير وحسب، وأي تفسير هذا العاجز عن الوصول إلى نظرية ذات قيمة تطبيقية، وقدرة على صناعة الحياة الأفضل؟!!
فهل من إنصاف للكلمة واحترام للعلم؟!!
واقرأ أيضاً:
السلوك الأرضوي!! / قال القلم / الدولة والبطل!!