الديمقراطية تستوجب خارطة دستورية ذات مسارات واضحة محكومة برؤية وطنية سديدة، وقوانين صارمة تعمل وكأنها الإشارات المرورية الضوئية، يستوعبها المواطنون، ويعبرون عن رؤاهم وإرادتهم بواسطتها، أما أن تتحول إلى تصرفات عشوائية متخبطة، فهذا هو التيهان الذي يتسبب بتداعيات مريرة تقهر الوطن والمواطنين.
البشرية مضت مسيرتها على سكة الفردية والطغيان والاستبداد، وبرزت الدعوات للحرية وحقوق الإنسان متأخرة في تأريخها، وهي ذات عمر قصير بالقياس لما سبقها من آليات الحكم وأنظمته.
والديمقراطية في جوهرها تعبير عن استبداد الدستور والقانون، بدلا من الفرد والجماعة والفئة، وبهذا المعنى هي ديكتاتورية الشعب وقوة الجماهير، التي عليها أن تحكم لصناعة الحياة الأفضل لأطياف المجتمع.
أي أن الديمقراطية نظام حكم بآلياته الدستورية والقانونية الفاعلة في أرجاء الحياة.
فالمجتمعات الفاقدة للإرادة الدستورية والقوة القانونية عاجزة عن تأسيس نظام ديمقراطي يخدم المصلحة العامة، فيتشظى فيها المجتمع، وتتميع الهوية، وتتعدد الانتماءات، وتطغى التبعيات، وتعيش في تداعيات خسرانية تدميرية للذات وتخريبية للموضوع.
ولكي تبني تجربتها الديمقراطية الواعية النافعة، عليها أن تبدأ بالدستور الوطني الجامع المستوعب للتطلعات الوطنية، وبقوانين تحمي مواده وتعززها بالعمل اليومي المتواصل، وبمؤسسات الدولة القادرة على فرض ما ينفع الناس، بنزاهة وصرامة وإخلاص مطلق.
أما إذا تسيد الفساد في المجتمع، فإن الحديث عن الديمقراطية، أشبه بالهراء والهذيان الفارغ.
فلا بد من الدستور الوطني الصالح، والقوانين التي تحافظ على عزة الوطن ولحمة المواطنين؟!!
واقرأ أيضاً:
العربية أقوى من العرب / هل ينفع التشخيص!!