القوة في العلم وكل قوة تولد من رحمه، فالعلم يصنع ويعزز القدرات، فالدول الصناعية بالعلم تكوَّنت، وبالبحث واعتماد المناهج العلمية تطورت وتجددت قدراتها، وتعاظمت إرادتها المعرفية والابتكارية، حتى سادت الدنيا وتشامخت بما تنتجه عقولها العلمية المتفاعلة.
الدول الغربية بالعلم تسامقت، الصين بالعلم تواصلت وتوثبت، ففي العلم قوة وفي الدين ضعف، وهذا واضح في الأمم التي تسيد فيها الدين، وانتفى العلم، فالدين رافد من روافد الحياة وليس الحياة، فالحياة في العلم، والدين في الحياة.
فالذي لا يصنع ما يحتاجه، عليه أن لا يتبجح بالقوة، فحالما يستورد طعامه وشرابه وحاجاته الأساسية الأخرى وما يلزمه للدفاع عن نفسه، فأنه ضعيف وخانع وتابع، فالقوي الحقيقي مَن يصنع سلاحه ويطوره وينافس الآخرين بعقول شعبه وأمته.
فأين نحن من هذا وذاك؟
البشرية عاشت قرونا متعاقبة متوهمة أن الحياة في الدين، فأذاقها الويلات والعجائب المتوحشة الجسام، والشواهد على ذلك في أرجاء المعمورة كافة. وعندما استيقظت من أوهامها وهذياناتها، وتحركت عقول نخبها وأبصرت وتعلمت وتباحثت واكتشفت واخترعت، أدركت أنها كانت تعيش في عصور ظلماء دامسة، فبعد أن أضاء العلم دروب وجودها اتخذته سبيلا لبناء حاضرها ومستقبلها، وتبين لها أنها بالدين دمرت وخربت وسفكت دماء الملايين، دون أسباب معقولة، إلا لأنهم كانوا يتعقلون ويتفكرون.
وتجدنا في بعض مجتمعات الأمة قد اندحسنا في أنفاق العصور المظلمة، التي قاست منها أوربا خصوصا، وأنهكتها معتقداتها وتصوراتها، التي كانت سيدة المواقف والقرارات. وقد يغضب مَن يغضب ويتهم من يتهم، من القول أن الضعف في الدين والقوة في العلم، وهما طريقان لا ثالث بعدهما أو بينهما، فمن يريد حياة الضعف والهوان عليه بالدين أيا كان ذلك الدين، ومن أراد حياة القوة والعزة والكرامة والشموخ فعليه بالعلم.
وتلك رسالة إقرأ يا أيها المتأدينون!!
واقرأ أيضاً:
الإرادة والإبادة السياسية!! / وإذا كانت النفوس صغارا!!