بعد أكثر من عشر سنوات من جذوة الثورة التي أوقدها "البوعزيزي" من أرض تونس الخضراء، لا بد من القول بأن العرب ثاروا بإرادة حرة باسلة، وأطاحوا بأنظمة حكم شرسة، أخمدت أنفاس وجودهم عبر أجيال وأجيال.
ولا فرق بين ما جرى في بلدان الأمة وما جرى من ثورات في أمم الدنيا الأخرى، ابتداءً من الثورة الفرنسية (1789 - 1799)، وما سبقها وتلاها من ثورات، فسلوك الثورة قائم ومتجذر في أعماق أبناء الأرض العربية منذ ما قبل التأريخ.
فالثورة العربية الكبرى الحقيقية انطلقت في عام (2011) ، وأحدثت تغيرات مهمة، وفي مدرستها تعلمت أجيال جديدة، وامتلكت خبرة ثورية لأكثر من عقد، وهذه الأجيال الواعدة ستبني الكيانات السياسية المتوافقة مع إرادتها.
وما يميز الثورات العربية أنها عفوية، وخلت من النظرية الفكرية الواضحة، وأمعنت بالخيالية المفرطة، فالذي أججها هم الشباب بطاقاتهم الفوارة، وما استطاعت الأمة أن توفر لهم خارطة طريق واقعية، فمفكروا الأمة منهمكون بالقراءات العبثية والمشاريع الطوباوية، وما وجد الثائرون بوصلة ذات قيمة ودلالات فكرية وعملية صالحة لبناء مشروعهم الثوري.
فتسربت إلى قلبها الأحزاب والحركات الدينية، وبسبب تطرفها وغلوها وعمائها العقائدي، فشلت وتهاوت واندحرت، وستدوسها سنابك الأجيال المتوافدة المعبأة بالمعارف والأنوار المعاصرة. وهذا يعني أن الثورة العربية في طريقها لتحقيق طموحاتها وأهدافها التي أخذت تتجلى، وسيبرز من شبابها قادة يخبرون معنى بناء الأوطان، وسيخرجونها من أحوالها المستكينة إلى آفاق التألق والشموخ والنماء. وسيجبرون أدوات الثورة المضادة على الاندحار والاستسلام، لأن الشعب سوف لن يدع لهم موضع قدم فيه، وستشرق شمس الصيرورة الحضارية العربية ويسطع جوهرها.
فهل لنا أن نديم جذوة الثورة ونعزز روح الثائرين البواسل؟!!
واقرأ أيضاً:
العقل المستورَد!! / الديمقراطية والثورة الصناعية!!