الأمن الغذائي من أولويات القوة والقدرة على التقدم في الحياة، وقد تعلمت الصين هذا السلوك بعد أن عانت من المجاعات العاصفة القاسية، وأدركت أن يكون شعارها "الطعام أولا"، وبعد أن أنجزت الهدف ووفرت الطعام للملايين من أبنائها، تمكنت من التفرغ للإبداع والتصنيع والانهماك بالإنتاجية العالية على كافة الأصعدة، حتى تسيَّدت الاقتصاد العالمي.
ومجتمعاتنا متنافرة اقتصاديا ولا تعرف التكامل الغذائي، رغم العديد من قادتها ورموزها قد رفعوا شعاراته وقالوا ما قالوه بضرورة التكامل العربي بأنواعه.
وتجدنا اليوم بلا قدرة على إطعام أنفسنا، والمتعارف عليه أن السودان لوحدها يمكنها أن تطعم الأمة، لكنها مبددة النشاطات، وتعيش في مجاعات!!
ومعظم دول الأمة تغفل أهمية النخلة وما توفره من طعام للبشر والماشية، وتعرضت هذه الشجرة المباركة إلى عدوانية سافرة في أكبر مرابعها، فتناقصت أعدادها، وانتصر الحصار على أهلها.
إن القرن الحادي والعشرين يحتم على دول الأمة العمل بجدية لتحقيق التكامل الغذائي، أي التعاون لإطعام شعوبها، وأن لا تعتمد في طعامها على الآخرين، وخصوصا رغيف الخبز الذي يجب أن يكون في متناول الأفواه، ولا يجوز أن يعيش أبناء الأمة في حرمان منه.
فكيف يصح في الأفهام أمة بهذا الحجم والثروات الطبيعية والأراضي الزراعية، وتستجدي الآخرين لإطعامها؟
أمة كانت تصدر للعالم أنواع الأطعمة، واليوم تستوردها من الآخرين البعيدن عن ديارها!!
أمة دولها لا تعرف كيف تتفاعل في ميادين الزراعة والثروة الحيوانية وتجتهد في إنتاج الطعام وسد حاجة الأفواه الجائعة، وفي ربوعها يموت المئات كل يوم من الجوع والحرمان، وأموالها تبدد في النزاعات والعدوانية على بعضها، وما من مشروع استثماري قادر على سد رمق حاجاتها الطعامية.
فإلى متى تبقى أمة النفط والنخيل والثروات الأخرى تتسول في طرقات دنيا الغاب المعاصرة؟!!
واقرأ أيضاً:
الكراهية استعداد!! / إبراهيم ناجي الشاعر الطبيب!!