إذا تغيرت الرؤوس تغيرت النفوس، وإذا تغيرت النفوس تغير السلوك، وعندها يتحقق ما في الرؤوس.
ومعنى ما تقدم أن التغيير المنشود يجب أن يكون تغيير فكر، وإعادة ترتيب آليات الرؤوس، وكيف يجب أن يكون عليه التفكير.
فالتغيير يبدأ بالرؤوس ويصيب النفوس ويتجلى في السلوك، ولهذا فإن الأمم التي تطورت وانطلقت بنهضتها الحضارية الأصيلة، بدأت بإعادة ترتيب معاقل الرؤوس، وتزويدها بمهارات اقتراب وتفكير جديدة وغير تقليدية.
فهذه أمة الصين تكونت وتألقت بعد أن غيّرت ما في رؤوسها، إذ توفرت لها القيادة التي استطاعت أن تعيد برمجة الرؤوس وضخها بمناهج تفكير جديدة ومنتجة، فانطلق ما فيها من قدرات الإبداع والابتكار، ووصلت إلى ما هي عليه اليوم من اقتدارية اقتصادية عالية.
وعلة أمتنا في الرؤوس والنفوس، ولن يتغير حالها إن لم يتغير ما في الرؤوس، لكي تتحرر من التقليد والتبعية وتحي عقلها، لا أن تعيش معطلة العقل ومفعول بها دائما، ومتمحنة في مستنقعات التقليد الأعمى الذي أخذها إلى ميادين سقر.
فرأس الأمة بحاجة للتحرر من الغثيان الديني والاستبداد التقليدي التبعي القابض على بصيرتها.
وإن لم تفَعِل عقلها، وتتخلص من الطغيان الاستعبادي لوجودها باسم الدين، فستمضي بمسيرة إتلافية انقراضية ، لأن سنابك العصر ستدوسها وتساويها بالتراب.
فهل ستمتلك الأمة القدرة الحضارية والعزيمة الروحية والفكرية والنفسية، التي ستحررها من دثار رقدتها، وتخرجها من ظلمات العطل والكسل والتقليد القطيعي، وتلقي بها في آفاق الأنوار المعرفية والعلمية، المستنهضة لما فيها من كوامن الإبداع والابتكار والعطاء الحضاري الأصيل.
إن الأمة لقادرة وستكون بإرادة أجيالها المتنورة العازمة على أن تكون!!
واقرأ أيضاً:
العسكرة السلوكية!! المَجْدُ المُنْطَوي!!