العلاقة طردية بين البشر والنوابغ منهم، أي كلما زاد عدد البشر زاد عدد النوابغ، وإذا افترضنا ولادة نابغة واحد من بين عشرة آلاف شخص، فإن هناك مئة منهم في كل مليون، فالبلد الذي تعداد سكانه مئة مليون من الممكن أن يكون فيه عشرة آلاف نابغة، وهؤلاء هم الذين يتوجب عليهم قيادة المجتمع ورسم خارطة مسيرته في الحاضر والمستقبل.
النابغة: مبرز في علمه، مبدع، موهوب
والفرق بين المجتمعات يتمثل في توفير آليات رعاية نوابغها وتوفير الفرص اللازمة لتفتحهم، ولهذا تجد أعدادهم تتزايد في المجتمعات الحرة وعطاءاتهم الأصيلة تتحقق، وبسببهم وصلت البشرية إلى ما هي عليه اليوم.
ومجتمعاتنا فيها نسبة عالية من النوابغ المولودين في بيئات تقهرهم وتعوقهم وتمنعهم من التفتح والازدهار، مما تسبب بخسائر حضارية هائلة أصابت أجيال الأمة بمقتل.
فمسيرة الأمة لا تخلو من النوابغ، ومن الملاحظ أن بيئاتنا تساهم في تفتح نوابغ في الدين والأدب، وتأبى أن ترعى نوابغ العلم وأصحاب الأفكار الجادة القادرة على التغيير والاقتدار، بل وتدفعهم للهجرة أو تودعهم المعتقلات والسجون بأعذار شتى.
فعقول أبناء الأمة كأي العقول في الدنيا، بحاجة لتربة صالحة للعطاء والإبداع، وعندما تصبح التربة في دول الأمة سبخاء لا تنبت زرعا، فماذا يُرتجى من الأجيال التي تسير على الملح.
وعلة الأمة أنها لا تولي أمرها للأذكياء، بل لديها عدوانية صارخة ضدهم، فتأتي بمن يعادونهم، ويشردونهم، لتهنأ بمن ينوِّمون الناس ويجهلونهم، ويستعبدونهم بدين جعلوه طلاسم يمتلكون مفاتيحها، لتدوم تجاراتهم وتزداد ربحا على حساب ويلات القطيع المرهون بإرادة السمع والطاعة.
فالأمة لن تضع خطواتها على السكة الحضارية الصاعدة وتشارك الدنيا من مواطنها بإمداداتها الإبداعية الابتكارية، إن لم تعيد النظر في حساباتها السلوكية، وتعبِّد السبل أمام الأذكياء والنوابغ من أبنائها، وتجعل مسيرة الإبداع الحضاري ميسَّرة وآمنة وذات محفزات لا حدود لها.
فدعوا زهور الأمة تتفتح، وعندها ستعرفون حجم طاقاتها الكامنة فيها، والتائقة للانبثاق الدفاق.
فهل سيكون نوابغ الأمة في مقدمة ركبها؟!!
واقرأ أيضاً:
الجرأة والنص!! / القوة النفسية!!