الطعام سلاح وقوة سيادية وقدرة على المطاولة والتحدي، والمجتمعات التي لا تطعم نفسها تعيش ضعيفة، ومحكومة بإرادة الآخرين الذين يوفرون لها الطعام.
والعجيب في دول الأمة الإثنين والعشرين، وعلى مدى القرن العشرين، لم تعمل على تحقيق التكامل الغذائي، أي أن تكون قادرة على إطعام شعوبها.
فالسودان – على سبيل المثال – كان يمكنها أن تكون سلة الغذاء العربي، غير أنها انشغلت بما يدمرها ويقضي على دورها، وقيمتها الاقتصادية فصارت تعاني من المجاعات، والصراعات الداخلية.
ويبدو أن الحرب القائمة في أوكرانيا قد كشفت عورات العولمة، وتبين أن هناك دول تعتمد عليها العديد من الدول في الحصول على رغيف الخبز، وحالما تصاب بأزمة أو تتعرض لحرب، فإن الدول التي تعتمد عليها تصاب بالجوع، ويعز فيها رغيف الخبز.
فهل أن العولمة جردت الدول من قدراتها الذاتية على توفير الطعام؟
وهل أن العولمة استعمار بأساليب ناعمة، وذلك بالقبض على مصير الشعوب بالطعام؟
إن ما يحصل في الواقع الكوكبي يوجب اليقظة والتحفز والتوثب، والانطلاق للتركيز على الزراعة والثروة الحيوانية، لتأمين الطعام اللازم للحياة الحرة الكريمة.
وعلى مجتمعاتنا أن تدرك بأن الاقتصاد مفردات بسيطة مضت على تأكيدها الأجيال على مر العصور، وليس كما أوهمونا وضحكوا علينا، وكرهونا بالزراعة والتربية الحيوانية، حتى صرنا نعتمد على غيرنا في توفير الطعام لأفواهنا التي تأكل، ورؤوسها لا تفكر بكيف تنتج ما تأكل.
إن العمل على توفير الطعام وإنتاجه من مرتكزات السلوك الوطني، ومن الأولويات السيادية لأي مجتمع، فالبلدان الجائعة فاقدة لكل شيء، وعالة على مَن يطعمها، وبتعبير أقسى مستعبدة بمَن يملأ أفواهها.
فهل لنا أن نتحرر من عبودية الجوع، ونكون أحرارا أعزاء نأكل من عطاء أرضنا وتعب أيادينا؟
فازرع ولا تقطع لتكون!!
واقرأ أيضاً:
الأمة تعوِّق أفذاذها!! / داء الولولة!!