تعدد الأقطاب فوق التراب لا يصلح للحياة، فالأرض ومنذ الأزل تتحكم بالموجودات عليها قوة واحدة، كانت تسمى إمبراطورية، وغيرها من المسميات، ولا يوجد في تأريخ الأرض أن تحكمت فيها عدة قوى في وقت واحد.
فالقِوى تتصارع، وتفوز قوة ما بالهيمنة وتقرير مصير القِوى المغلوبة أو الأضعف.
ولم يظهر أن سيطرت قوتان إلا بعد الحرب العالمية الثانية، وتمثلت بحلفي الناتو ووارسو، ومضى الحلفان في مسيرة الحرب الباردة أو الحرب بالنيابة، التي انتصرت فيها سنة 1991 قوة حلف الناتو.
وأثناء تلك الفترة تمكن حلف الناتو من تأمين استقرار الدول الأوربية، ومنع تطلعاتها الإمبراطورية، لأن الحروب التي تواصلت بينها كانت للوصول إلى الهيمنة الاستعمارية، وقد فازت كل دولة أوربية بما تريد لفترة حتى تقضي عليها قوة أخرى، وآخرها القوة الإنكليزية التي سلمت الراية للقوة الأمريكية وصارت متحالفة معها.
فالتعددية القطبية المزعومة لم تعهدها البشرية، وقد تكون تحالفية، بمعنى أن قوى متعددة تتحالف مع بعضها لتأسيس قوة متضامنة، وهذا يعني أن العالم سيعود إلى القطبية الثنائية بآليات جديدة، وسيدخل في حروب لا يمكنها أن تكون دائمة البرودة.
فالدول القوية رقدت على قدراتها العسكرية الفتاكة لعدة عقود، وبلغ الرقود ذروته، ولا بد من انطلاق المطمورات الرهيبة الدمار والإمحاق.
فالبشر لا يقبض على ما عنده دون استعماله لأكثر من سبعة عقود مهما توهم، وفي عصرنا المتسارع فالقدرة الانقباضية أقل من ذلك.
وهذا يعني أن حربا واسعة ستنشب لا محالة، والأسلحة التي كانت البشرية قادرة على ردعها ستنفلت وتردعها، وربما ستحيل الأرض إلى ميادين سقر.
فالعقل يتم تعطيله، والانفعالات والاندفاعات في تأجج واضطرام، مما يعني أن القرن الحادي والعشرين سيرسم خارطة جديدة للحياة في مدينة الأرض المرعوبة من خلقها، الذي أطلق عقله وفقد القدرة على كبح جماح ما يرى.
فهل ستقع الواقعة؟!!
واقرأ أيضاً:
داء الولولة!! / الرغيف والرغيف!!