موضوع تحول الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة فكرة مطروحة قبل عقود، ولم يتحقق وعيها بدليل واضح وبرهان ساطع، إلا بعد (24\2\2022)، فما أن حصل الذي حصل في أوكرانيا، حتى تزعزعت أركان الحياة في أرجاء الدنيا.
ورأت الدول الكبرى وفقا لعقلية القرن العشرين بفرضها الحصار القاسي على روسيا ستفت عضدها، وإذا بالسحر ينقلب على الساحر، وتعاني المجتمعات نقص الغذاء والطاقة بأنواعها، وتبين أن روسيا وأوكرانيا، كانتا سلة طعام الدنيا، وداينمو الحياة للدول التي تعتمد عليها بدرجات متفاوتة.
فالعولمة أزالت الحدود، وكثفت الحياة على شاشة صغيرة، يتجسد فيها ما يدور في بقاع الدنيا بسرعة خاطفة، مما أثر على قدرات العقول وقابليتها للتواصل والتفاعل الآمن.
مما دفع بالدول التي توهمت بآليات الحروب القديمة، بأنها ستنتصر على عدوها باستخدامها، فما يحتاجه العالم المعاصر يختلف عما عهدته البشرية، وألِفته الكرة الأرضية التي أصابها الصداع والغثيان والاضطراب التفاعلي مع مخلوقاتها، وربما مع الأجرام الأخرى في المجموعة الشمسية، مما يعني أنها ستنتقل إلى مراحل ربما تكون مناهضة للحياة التي عرفتها الأجيال فوق أديمها.
ترى هل أن البشر مؤهل نفسيا وعقليا لاستيعاب المتغيرات المتسارعة العاصفة في العالم؟
إن التغيرات التي اعتادت عليها الأجيال كانت تستغرق عقودا وقرونا، أما أن تكون في ظرف أيام أو أسابيع، فبحاجة لمؤهلات عُصيبية وجينية ونفسية وسلوكية، تتواكب معها، لأن التغيرات يقوم بها أفراد تفوّق ما فيهم على ما فينا من الطاقات الإدراكية والقدرات الاستيعابية، ويقودوننا إلى حيث تأخذهم رؤاهم ومنطلقاتهم الابتكارية المتسارعة، نحو ما لا يستوعبه خيال الكثرة الدائبة فوق التراب.
فالسنوات القادمات سترسم خرائط الجريان الصاخب للبشرية في أنهار القرن الحادي والعشرين، وستنطلق كوامنها السلبية والإيجابية ذات التداعيات المتراكمة المتعاظمة، لتنسف السابق وتأتي بما يتوافق مع صيرورات مادية تنتصر على خيال العامة.
فهل أن البشرية تسير على صراط قويم؟
واقرأ أيضاً:
الكراسي والسلامة العقلية!! / الشمسُ عدوَّتُنا!!