الماضي ليس للغطس وإنما للعوم، والسباحة الرشيقة للوصول إلى الضفة الأخرى، والانطلاق بالبناء والتفاعل مع معطيات المكان الجديد.
وما يسود في المواقع ووسائل التواصل المتنوعة، الحديث عن الماضي واعتباره الأجمل، وتشتاق إليه الأجيال المرهونة بالويلات والتداعيات، والاندحارات والحرمان من أبسط الحاجات.
وهذه شهادة مرعبة على أن المجتمع يتقهقر والحاضر يتدهور، والمستقبل يتدمر، فلا يوجد مجتمع يتخندق بماضيه ويستكين فيه، بل مجتمعات الدنيا متوثبة نحو غدها الذي تتطلع إليه، وفي وعيها ما فات مات، وعليها بما هو آت.
القول بأن الماضي هو الأفضل يتسبب بانهيارات نفسية وإحباطات سلوكية، ويعزز القنوط والتشاؤم واليأس، وفقدان الإحساس بقيمة الحياة.
ومجتمعاتنا جائعة لثقافة التفاؤل والإقدام، وتحسس طعم الحياة وتذوقها بسعادة وبهجة وأمان، وأقلامنا كأنها لاتستشعر معاناة الناس ولا تقترب منهم، فتكتب ما يضرهم، ولا تجتهد بتقديم ما ينفعهم، ويبني إرادتهم وثقتهم بأنفسهم.
فالكلمة من أخطر الأسلحة القادرة على تحقيق الهزيمة النفسية في دنيا الشعوب، وتحويلها إلى أهداف سهلة متذمرة من أوطانها وناقمة على وجودها فيها، وتأمل في الهروب والتوطن في غيرها من البلدان، رغم ما الخيرات والفرص والطاقات والتطلعات الكبيرة.
ويبدو أن العديد من القوى المعادية لوجود الأمة تسعى بإصرار لترسيخ المفاهيم السلبية، وتحويل الأجيال إلى ركام مبرقع بالتبعية والخنوع، والركون لصوت السمع والطاعة، لتتحقق البرامج المرسومة والأهداف الخفية والعلنية بسهولة.
فالمطلوب من الأقلام أن تتناول الحاضر والمستقبل، وتتدارس التحديات والمستجدات، وتستحضر الطاقات للتفاعل الإيجابي معها، للوصول إلى ما يصلح لوجود الأمة وعزتها وكرامتها.
فهل سترعوي الأقلام؟!!
واقرأ أيضاً:
أقوى كلمة وأشمل خطاب!! / الديمقراطية العوجاء!!