توفت السيدة أم كلثوم عن عمر يناهز (77)، في (3\2\1975)، ولاتزال أغانيها تصدح في أسماعنا، وتستمع إليها الملايين حسب إحصاءات يوتيوب، بينما تخبو أغاني الآخرين وحتى المعاصرين منهم، فما هو السر وراء خلود أغانيها وهيمنتها على قلوب الأجيال؟!!
أولا: الكلمة
كلمات الأغاني الأكثر شهرة وتألقاً عربية فصيحة في قصائد جميلة مؤثرة، ومعبرة عن الأحاسيس الإنسانية برقة وجمالية فائقة، وكتابها من النوابغ الأفذاذ في قدرات التصوير ورسم الأحاسيس والمشاعر الإنسانية، فتتسلل قصائدهم إلى أعماق المستمعين.
ثانيا: اللحن
تتميز الأغاني بفوزها بملحنين أصلاء نادرين لا يتكررون بسهولة، استوعبوا نبضات الكلمات وطاقات العبارات المحملة بالعواطف العذبة، فترجموها بألحانهم الأخاذة الفائقة التمثل والاستكناه المعرفي والروحي والفكري الفياض.
ثالثا: الصوت
للصوت دوره الكبير في بث روح المتعة والنشوة الرقراقة في الأعماق البشرية، وصوت أم كلثوم النادر المقتدر أفلح في نقل الكلمات، بما فيها من مكنونات الجمالية إلى المستمع، الذي لا يمل من تكرارها والإغراق في نشوة الاستماع الذي يحلق به في فضاءات علوية دفاقة الأمواج.
ولازلت مدمنا على أغانيها نهج البردة، حديث الروح، أقبل الليل، سلوا قلبي، ثورة الشك، أغار من نسمة الجنوب، أراك عصي الدمع، ذكريات، ولد الهدى، وغيرها من روائعها الخالدة الذكر.
ويبدو أن المجتمعات تتألق فيها بين آونة وأخرى قدرات عملاقة تهيؤها الظروف الموضوعية والتأريخية، فتجد نخبة من القابليات النادرة تبرز في مرحلة ما وتتفاعل لتنجز ما لم ينجزه الأوائل والأواخر، وهي ظاهرة متعارف عليها، وأبرز دليل عليها، ما حصل في اليونان أيام الإغريق، وما جرى في مصر في النصف الأول من القرن العشرين، وتبقى أم كلثوم شاهدا أبديا على تلك الكينونة الإبداعية المتميزة.
واقرأ أيضاً:
العربية تدافع عنا!! / النطق القويم في العقل السليم!!