غرغر: ردد السائل في فمه
البعض يتغرغرون بالحياة ويتقيأونها، والكثيرون يتغرغرون بالدموع ويبتلعونها، والمتغرغرون بالحياة تظهر علاماتها على وجوههم وحركات أبدانهم، فهم شعلة متوقدة ومتفاعلة مع المكان والزمان.
والمتغرغرون بالدموع بائسون، منهكون، عابسون، مجلجلون بالمآسي والويلات الجسام، وأبدانهم تفشي أحوالهم قبل كلماتهم، وما تبوح به أنفسهم المقهورة بالحرمان.
حياةٌ في تألقها تراهم...وأخرى في تنكدها ثراهم
تأملت وجوه رواد الحياة الباذخة الباسقة المرفرفة حولهم بأجنحتها وأنغامها الصداحة العذبة الغناء، وقارنتها بالوجوه الكالحة الكادحة الحزينة الظلماء، واحترت في أمر الدنيا ومصائب الأحياء، وتعجبت من اليأس والبؤس والبهجة والتفاؤل والخيلاء.
الدنيا مزيج من هذا وذاك، والسعداء فيها قلة، والتعساء كثرة، والأغنياء يحتكرون ويمعنون بالثراء، والفقراء يفتقرون ويرفعون رايات البؤساء.
المخلوقات تعتاش على بعضها، فالقوي يأكل الضعيف، والغني تسبب بصناعة ألف فقير وفقير.
ويبدو أن الأنانية ديناميكية فاعلة في سلوك الموجودات فوق التراب، ولا فرق بين مخلوق وآخر، مهما ادّعينا وتوهمنا، وتصورنا.
الحيوانات تتصارع وتتقاتل، والبشر يترجم ذات السلوك وبعنفوان وعدوانية، أسهم بتفجيرها عقل مرهون بالشرور.
لكن الدنيا باقية، والأرض دوارة، ولا جديد منذ الأزل وحتى الأبد الغاطس في الغيب البعيد.
فمن قال بأن الحياة نزهة؟
ومن ادّعى بأن الموت هزيمة؟
إنها مسيرة توازنات في كفتي ميزان الوجود الكوني المتناهي بدقته وقراراته!!
واقرأ أيضاً:
النطق القويم في العقل السليم!! / أغاني أم كلثوم الخالدة!!