شهد الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، صراعا قاسيا بين المفاهيم العتيقة والجديدة التي فرضتها إرادة الحياة الإنسانية المشرقة.
فنهر الوجود المعاصر إنساني المعاني والتوجهات، لا يعرف السدود والحدود، بعد أن اخترقت وسائل التواصل كافة الموانع والمصدات، وجعلت البشر يتحرك في وعاء واحد، وأعلمته بأن الأرض موطنه، فأرض الله واسعة!!
وفي هذا الفيض التمازجي التفاعلي الرحيب، هناك بعض أنظمة الحكم المتمسكة بما عفا عليه الزمن، وداسته سنابك الأجيال، وتحسب أنها ستتمكن من الحياة في هذا العصر، وستبقى جاثمة على صدور شعوبها، وفيها أجيال تتوافد وإرادات تترافد، وكأنها في غفلتها، وتقوقعها داخل متاريس معتقداتها ورؤاها الداجية التصورات.
إن نهر الوجود الدافق الجريان لا تصمد أمامه المصدات والعثرات، وسيلقي بها على جرف الاندثار والنسيان، وعلى هكذا أنظمة أن تتعلم كيف تعوم في النهر، وتستحضر أطواق النجاة وقوارب الانطلاق إلى غاياتها المنورة بمعطيات العصر الذي هي فيه، لا بما تتوهمه من مخلفات العصور الغابرات.
وتجدنا اليوم أمام مجتمعات تعاني وتكابد الحرمان من إنجازات العصر الابتكاري الفياض، مما سيتسبب بإختناقها وإنكباسها وتنامي الضغط الواقع عليها، وسيؤدي إلى انفجارات هائلة ومدوية في أرجاء أوطانها، وسينجم عنها خسائرة كبيرة وتداعيات مريرة، ستقتلع مواطن الاستبداد والتعنت والطغيان الفاعلة فيها باسم هذا المعتقد أو ذاك.
فهل ستصمد أنظمة المعتقدات البالية، الخالية من آليات التواكب والتفاعل المرن، المتواشج مع إرادات المكان والزمان؟
إن العديد من المجتمعات تقف على شفا ثورات متعاظمة ستندلع فيها، وستزعزع أركان السلطات المصابة بالعماء العقائدي، والمسجونة في دياجير أوهامها.
فهل لها أن تستفيق وترى بعيون الآن؟!!
واقرأ أيضاً:
الثورات والتاريخ / لغة قال!!