العالم على مدى القرن العشرين منقسم بين دول مستعمَرة ومستعمِرة، وفي الربع الأول منه كان الاستعمار مباشرا، وقد أيقظت ثورة العشرين في العراق الدول المستعمِرة وفي مقدمتها بريطانيا العظمى، وكشفت لها عن التكاليف الباهظة لذلك الأسلوب الاستعماري.
وفي حينها دعى رئيس وزراء بريطانيا (ونستون تشرتسل) (1874 - 1965) قادة المستعمرات إلى اجتماع في القاهرة (12\3\1921)، لمناقشة الآليات الاستعمارية وتمخض الاجتماع عن تبلور فكرة الاستعمار بالنيابة أو الغير المباشر.
والذي يعني أن الدول المستعمِرة تشكل حكومات من أبناء البلد المُستهدف تؤدي مهام الدولة المستعمِرة أو المالكة الحقيقية له.
فأقيمت الحكومات التي ترعى المصالح للقوى الطامعة في البلاد والعباد، ومضت تقضم دول المنطقة على مدى القرن العشرين، وهي تتأرجح بين كونها مستعمرة مباشرة أو غير مباشرة.
ولهذا فمعظم الدول الثرية يعاني أبناؤها من الفقر والقهر والحرمان من أبسط الحاجات، لأن الاستعمار بأنواعه يعني الافتراس أو الاستنزاف الاقتصادي المطلق لذلك البلد.
ويمكن القول أن أي بلد ثري وأبناؤه في فقر وعناء، هو بلد مستعمَر من قبل الحكومات المنصبة للقيام بدور المستعمِر.
وهكذا فإن القول بالسيادة والحكومات الوطنية في الدول المستعمَرة ضرب من مطاردة السراب؟
ولهذا أيضا أية تظاهرة أو هبة جماهيرية تطالب بالحقوق الوطنية والانسانية ستواجَه بالحديد والنار، من قبل تلك الحكومات المناهضة للحياة الوطنية، والمسانَدة من قبل القوى الطامعة في البلاد.
ولا يجوز الحديث عن قيم ومبادئ جامعة، بل لابد للطائفية والمذهبية والفئوية والتكتلية، وغيرها من أدوات الشقاق والافتراق أن تكون فاعلة.
ولابد للدين أن يقوم بتمزيق المجتمع وتشريع الفساد، وما يتصل بالرذائل من سلوكيات تساهم بإلهاء الشعب وإنهاكه، ودفعه بعيدا عن الثروات التي عليه أن يتنعم بها.
وبهذا يكون النهب والدمار حراً، وكل قوة تنال حصتها من الثروات، وبنوك الدنيا أفواهها فاغرة تلتهم الملايين الوافدة إليها بواسطة النهّابين الأقوياء!!
واقرأ أيضاً:
المشاريع الخاوية!! / انتصار العقل على العقل!!