الحياة بمعاييرها البقائية مرهونة بالمكان والزمان، ولا يصح تجريدها من إرادتهما، فلكل مكان حياته ولكل زمان آلياته، ومَن يغفل مؤثراتهما يعيش على الهامش، وتدوسه سنابك الأيام، وتفترسه أنياب الآلام.
وهذا القانون ينطبق على كل موجودٍ قائمٍ فوق التراب.
فالمكان يفترس ما فيه، والزمان يسحق مَن يمر عليهم، ويدفعهم إلى قيعان الهلاك والوجيع.
ويبدو أن العديد من الحالات في واقعنا تنكر القانون وتحسب أنها هي القانون.
فالقوى الفاعلة فينا، تنعزل عن مكانها وتلغي زمانها، وتنغرس في حالات تتصورها وتعتقدها، فيكون مكانها بلا قيمة وزمنها بلا معنى، لأنها تعيش في بقعة مكانية متخيلة، وفترة زمانية مجتزأة، ومهيمنة على الوعي الجمعي المتفاعل معها، فلا زمان إلا ذلك الزمان المبتور عن أوله وآخره.
وهذا مأزق حضاري وخيم التداعيات ومروع المآلات، لأن الحالة القائمة ستتقاتل مع الحالات المتوافقة مع إرادات الزمان والمكان.
وتجدنا في تداعيات ومعضلات، لإقترابنا منها وفقا لتصوراتنا، التي تحجب عنا رؤيتها بوضوح، وتمنعنا من التفاعل الجاد المستنير معها.
وما دامت الرؤية بعيدة عن عناصر ما تنظر إليه، فالمشاكل تتراكم والحلول تتخاصم، وتندس المسيرة في مغارات الأفول، وتغيب عنها أنوار التواصل مع ما يساهم في علاجها وإخراجها من قاع الصريع.
واقرأ أيضاً:
العلم قائد الإبداع!! / أسئلة بلا أجوبة!!