الموتى أخذوا أفكارهم معهم، وهذه الأفكار لا تموت بموتهم، بل ستورق من جديد في الأجيال المتناسلة من صلبهم.
فأية فكرة ما أن تحل برأس ستجد طريقها إلى الحياة في يوم من الأيام، ومقابرنا تعج بالأفكار والرؤى والطاقات المعرفية، وتتفاعل فوق التراب، وستجد مَن يرعاها ويتواصل معها، ويؤسس بها ما يعبِّر عنها ويطلق ما فيها.
فالذين يحسبون الأفكار لا تقاوم ولا تتحدى ولا تدوم، يعيشون في غفلة ووهم وخيم، والعلاقة بين التراب وما يحتويه من الخلق الرميم، لها معالمها المتوافقة مع ما فيهم.
فأفكارهم تحيا، وأبدانهم تبلى، وطاقاتهم تتجدد، وإن أصابهم الخمود، وتسربت كينونتهم المادية وتلاشت.
وعليه فأن أرضنا ثرية بالأفكار الحضارية، وثروتها الفكرية والمعرفية، أغنى من ثرواتها النفطية وغيرها، وهذا ما يدركه الطامعون بالأمة، ويجهله أبناؤها، فيندفعون بخطوات انكسارية انتكاسية للسقوط في حبائل المفترسين.
إن تراب أرضنا تتميز بالثراء الحضاري، وأعداء الأمة يؤهلون من أبنائها مَن يقومون بأعمال عدوانية على هويتها، لتعطيل دورها وتبديد ما فيها من الكنوز المعرفية النادرة.
وقد آن الأوان لتنتفض الأجيال، وتتصدى للغاشمين الساعين لتحويلها إلى عالة على الآخرين ولتقييدها بأصفاد الذل والهوان.
فالأمة حية، وتحارب بثقافاتها الكامنة في ترابها، والمتوقدة فوقه، إنها تندفع نحو علياء ذاتها، باندفاقية ذات بناء حضاري هدّار، يكتسح السدود والمصدات ويزيح المعوقات، ويجرف كل خوان ذليل كسول.
إنها أمة اقرأ، وصوت الحق ونبراس التجدد والإبداع المتميز والانبثاقات الأصيلة الساطعة.
إنها أمة الابتداء وصوت الارتقاء، ووجود لا يعرف الانتهاء.
فلكل فكرة جولة!!
واقرأ أيضاً:
لا نصنع ولا نزرع!! / الجامع والناس!!