الإنسان العربي يعيش محنة الموجود والمعدود، فالموجود مبعود، والمعدود منكود، وآلة القبض على مصير العرب يتجسد بالمعدود.
فالفرق بين الموجود والمعدود، أن الأول إنسان، والثاني رقم بهتان.
العربي الموجود عليه أن يفكر ويُعمِل عقله فيما يدور حوله ويواجهه من التحديات والتفاعلات اليومية.
والعربي المعدود عليه أن يكون تابعا قابعا مقبوضا على مصيره، ومدجن في حظائر القطيع والامتهان، بما يسمى دينا وملحقاته التضليلية، التي تتمنطق بها منابر الدجل والعدوان على الدين باسم الدين.
العربي الموجود لا يسمح بالحياة ولا بالوجود، وعليه أن يرحل من ديار البشر المعدود، الموسوم بوشم الفرقة والعدوانية، والعائدية لهذا وذاك من الأفاكين والآمرين بالمنكر المقدس.
العربي الموجود يتناقص والمعدود يتكاثر، وفي هذا الإشكال تكمن المعضلة الحضارية الكبرى.
إن الخلاص من قبضة الاندحار الحضاري تتلخص بتعضيد العربي الموجود، وتعزيز دوره وقدرته على تحرير العربي المعدود من أسر المتاجرين به، والمستعبدين له باسم الدين ومشتقاته البغضاوية الخسرانية المستنزفة للطاقات المجتمعية، والمعادية للرؤية العقلية والتفكر والتدبر والتعقل والرافضة لإرادة اقرأ؟
ترى كيف ننشط دور العربي الموجود ونزعزع حالات التردي والاندثار التي يمارسها العربي المعدود.
ويأتي في مقدمة الإجراءات التأكيد على أهمية العلم ودوره في بناء الحياة الحرة الكريمة، فلابد أن يكون للتعليم التنويري المعاصر ودوره الفعال في تقوية العربي الموجود، تأمين دوره النهضوي والانطلاقي نحو إرادته الطالعة للمستقبل الأقدر الكبير.
كما أن بث روح الحوار والتفاعل الفكري المتنور، وتنمية قدرات قبول الآخر واحترام رأيه وتصوره، من مؤهلات تحرير المعدود وضمه إلى تيار الموجود.
أضف إلى ذلك، الفهم الصحيح للدين القويم الذي انطلق به المسلمون كجوهر أخلاقي سلوكي إنساني، مبني على الرحمة والمحبة، واحترام الإنسان سيكون له دوره الإشراقي النبيل.
أما الدوران في مستنقعات أديان الفقهاء وتأويلاتهم وتحزباتهم وفقا لأهوائهم، فذلك هو الأفك اللعين.
فليتواصل الموجود وسيتقهقر المعدود، لأن أنوار العصر ساطعة، ولا يمكن حجبها عن الإبصار!!
واقرأ أيضاً:
انهيار الإمبراطوريات!! / التبعية والخوف من المسؤولية!!