الوعي يتخلق ويترشح في الأدمغة بمستويات متنوعة، وبموجب التقنيات السلوكية وقوانين تطويع الأدمغة لغايات مرسومة، وبرمجتها للوصول إلى أهداف معلومة، فالوعي القائم فيها يُكنس ويُباد، ويحل مكانه ما يتوافق وإرادة القوة الفاعلة المُستعبدة له، وهذا يُسمى بغسيل الدماغ.
وكنس الوعي يكون يسيراً عندما تتعاون وسائل الإعلام والرموز التي تأدينت واستثمرت بالغيبيات، وامتلكت مهارات الخداع بالمجهول والتجهيل.
وتلعب المتاجرة بالدين دورها في إزاحة العثرات المعرفية والمصدات الدماغية، المعوقة لتيارها المتدفق بالأصاليل والمزدحم بأمواج الدجل والبهتان.
وعندما يُحصر البشر في ميادين السمع والطاعة، ويتخنع ويتبع، ويتحرر من سلطة عقله، ويتحول إلى دمية تحركها أطماع الفاعلين بها، تتحقق المأساة ويبدأ مشوار الثبور والاندثار والانتكاس والانكسار.
ويلعب الإعلام دوره الخطير، فهو مكنسة دعائية ذات قدرات فتاكة وكاسحة، وحالما يتخذ من الدين سلعة في مسيرته الترويجية للمطلوب من الغايات والمرامي السيئات، فأن الواقع سيندفع بتعجيل فائق نحو التدهور والانسحاق المبيد.
والعجيب أن أدعياء الدين يرقصون على أنغام المكنسة، ويتفاخرون بأنهم يكنسون ويكنزون، وتلك مصيبة ما بعدها مصيبة لدين بأهلة المنافقين، فالدين يقتل الدين، والدين يقهر أهل الدين باسم الدين.
ويبدو أن اللعبة ستتواصل وستعززها قدرات القوى الطامعة بالمنطقة ولن تتنازل عنها، وما تطرحه من مساحيق تجميل ذات الماركة التجارية المسماة حرية وديمقراطية وحقوق إنسان، محض خداعات لتمرير الأجندات، فالكراسي المؤدينة بأنواعها على اتفاق مع أعداء أوطانها ودينها ولا فرق بينها.
تلك حقائق مريرة وتفاعلات عسيرة، بحاجة لعناصر مؤهلة ذات قدرات خيانية عالية، وضمائرها ميتة ونفوسها الأمارة بالسوء متحررة، ومنفلت ما عندها من الرغبات والنوازع والتوجهات .
فلا تلومن مفترسا أعدّ له خونة البلاد والعباد الموائد الشهية، وفرشوا له سجادة حمراء وقبلوا يديه وقدميه، وتوّجوه عليهم ملكا مستبدا مطاعا وفوق كل شيء!!
فكيف ستحضر إرادة نكون؟
اقرأ أيضاً:
التأويل والتفسير والأمر الخطير!! / لعبة الديمقراطية!!