الاستعمار نظام اقتصادي مبني على استنزاف ثروات الشعوب المستعمَرة وسرقتها، وحرمانها من التمتع بها.
وأساليبه تعددت على مدى العصور، وكانت القرون السابقة يتسيد فيها الاستعمار المباسر، وتميز عنها القرن العشرون بالاستعمار الغير مباشر، وجاءنا القرن الحادي والعشرون، بآلية الاستعمار بالفوضى، والتي سميت بالفوضى الخلاقة.
ومجتمعات الأمة أمضت القرن العشرين بأنظمة استبدادية فردية تؤدي مراسيم التعبير عن الاستعمار غير المباشر، واليوم تجدنا باسم الديمقراطية نغرق في فوضى ضرورية لتأمين النشاطات الاستعمارية الخلاقة.
ويمكن القول بأن القرن الحادي والعشرين في ديار الأمة، سيكون قرن الاستعمار بالفوضى المقنعة بالديمقراطية وحرية التعبير عن الشر.
قد يقول قائل أنك تستعمل كلمة "استعمار"، وهي قديمة وما عادت تتردد في الأوساط المعرفية والإعلامية، وغيابها لا يعني انتفاء مفعولها، وديمومة دورها وتأثيرها في واقعنا الممعن بالثراء والفقر المدقع معا.
ولابد من القول، أن أي دولة ذات ثروات ومواطنوها يعانون من القهر والظلم والحرمان من أبسط الحاجات الأساسية المتوافقة مع حقوق الإنسان، هي دولة "مستعمَرة"، وحكوماتها تخدم مصالح القوى المهيمنة على مصير البلاد.
تلك معادلة بسيطة ومن البديهيات الفاعلة في المجتمعات المنكوبة بحكومات تناهض الوطن وتنكر الوطنية.
تأملوا المجتمعات التي سرت فيها الفوضى المُستدامة بوسائل غريبة تناهض القيم والمعايير والتقاليد والأعراف الفاعلة فيها منذ قرون، وكانت من الرواسخ والضوابط المتينة التي لا يقترب منها القانون، وإذا بها مفرّغة من محتواها وفاقدة لدورها، وحلّت مكانها أجندات الرذائل الطاردة لأسباب الفضيلة وعناصر الخير والألفة الوطنية.
المشكلة أن الشعوب تعي الحقيقة المرة، التي تجنّد لتمريرها أدعياء الدين والمتاجرون بالقيم السامية النبيلة، فغدت الأدينة من الوسائل الفعالة لتأجيج الفوضى وصب زيت الاشتعال الفائق عليها، ومن الصعب اقناع المخمورين بما تفتق في نفوسهم السوداء من رغائب ونزعات عمياء.
وتلك حقيقة ما يحصل في مجتمعات كل ما فيها تعمم وتأثم!!
اقرأ أيضاً:
لعبة الديمقراطية!! / لعبة مكنسة الوعي!!