قبل غزو العراق (2003) كان مفهوم أن الحرب تنعش اقتصاد الدول الكبرى سائدا، وفي حينها ما وجدت تفسيرا لهذا الادّعاء سوى الاندفاعية الشرسة، التي ظهرت وكأنها نزوة الأسود وهي تقبض على فرائسها بأنيابها وتطمع بوجبة طازجة.
وبعد أن دارت الأعوام، وجدتُ زميلا يؤلف كتابا عن الكلفة الاقتصادية للحروب وأوضح في كتابه أنها ما عادت نشاطا اقتصاديا كما كانت، ولا بد للمفاهيم أن تتغير، فنحن في القرن الحادي والعشرين، المتطور تكنولوجيا وعلى أصعدة متعددة، ولهذا ستكون الحرب مكلفة ولا منتصر فيها.
وبموجب ذلك تحاشت العديد من الدول الكبرى الحروب المباشرة، ونشطت هنا وهناك بضغط من شركات السلاح، التي تريد التخلص من أسلحتها القديمة القابعة في مخازنها.
وبعد (24\2\2022) اتضحت الصورة، وبدت كلفة الحرب قاسية على جميع الأطراف، فما عاد الوهم بأن الدول المتعاونة مع بعضها تحمي نفسها من ويلات الحروب.
فلكل حرب آثار ارتجاعية وخيمة، فالحرب في الأراضي الأوكرانية، تتسبب بخسائر اقتصادية فادحة للأطراف المتورطة فيها، ومست المواطنين بالدول المساهمة فيها عن بعد أو قرب، والدول التي تساعد في تأجيجها، أصيبت بمقاتل اقتصادية، وأخذت صرخات شعوبها تتعالى، وصيحات برلماناتها تتردد في أرجاء بلدانها، وسقطت حكومات وبرزت أحزاب وقوى ذات ميول متطرفة.
واليوم تتكبد دول العالم المتقدم ما ليس بالحسبان من الأضرار الاقتصادية، وخصوصا ارتفاع أسعار الطاقة وتكاليف المعيشة المتزايدة.
ولا يُعرف إلى أين ستسير الدنيا، لأن الحرب أصابت البشر بضرر.
فهل ستثوب الكراسي إلى الحكمة وترجيح العقل؟
أم ستمضي على سكة التحدي والتوحش الذي سيبيد الجميع؟
إن الحروب المعاصرة جنون، ولا بد من مجانين لخوضها والانتحار في أتونها!!
اقرأ أيضاً:
الاستعمار بالفوضى!! / قطز وروح الأمة!!