لماذا العرب يقتلون بالعشرات والصمت أبيد؟
لأن العربي أهدر قيمته وما عاد يعترف بوجوده كإنسان، وتنامى في وعيه أنه رقم من الأرقام، وأن الموت غايته التي يدركها، وكل غاية أخرى سواها لا تُدرك.
وكيف توصل العربي إلى هذا الوعي؟
لأن العمائم واللحى المتاجرة بالدين ووعاظ الكراسي وأبواق الظالمين هم الذين أوهموه بهذا المصير، وأن قتله يسير، وعليه أن يقر بما تريده الكراسي وتقرره، وإلا فإن عمره قصير.
ولماذا هذا الإذعان؟
لأنهم يتخذون الدين سلاحا للتخويف والترهيب، ويضعون حواجز سميكة من المحرمات التي ستأخذ المعترض عليها إلى جحيمات سقر، وعلى الذي يريد الفوز بجنات النعيم أن يقاسي ويعاني الشدائد ويعيش البؤس والحرمان ويتبع السلطان.
ولماذا الذين يعظونهم بالموت لا يعيشون مثلهم بالحرمان؟
هذا السؤال ممنوع وتجاوز على إرادة الرب، وكفر بالقيم والدين، واعتداء على الكرسي الذي يحكم بأمر إله حكيم.
فالحياة لهم والموت لغيرهم، وعلى العامة أن تفعل ما تؤمر ولا تفعل كما يفعلون.
وأين قيمة الإنسان؟
لن تجد سؤالا كهذا في وعي الأجيال، فكلمة إنسان ممحية من الأذهان، وإياك أن تذكرها، وما عليك إلا أن تؤمن بأنك عبد، وتتصرف كذلك، فأنت عبد مملوك لخالق العباد وعليك أن تذعن وتخنع وتخضع، وإن رفعت رأسك فالسيف سباق العذل.
ولماذا السلطان جزار منّان؟!!
في وعينا الجمعي أن الذي يجلس على كرسي القوة يكون الدستور والقانون، وكلامه أمر وتنفيذه واجب، فهو غضب الله المسلط على الناس، والحاكم بأمر ربه الذي لا يعرفه ولا يدرك معناه، لكن الحاشية المنتفعين المارقين يوهمونه بأنه القابض على مصير العالمين.
فالسماح ببعض الحقوق مكرمة، والموت مكرمة، فهو المنان الفتاك القدير, ومن حوله البشر أرقام وإن شئت حشر!!
اقرأ أيضاً:
الهدف يأكل نفسه!! / البديهيات مطالب!!