إذا افترضنا الاستعمار نشاط اقتصادي يهدف لأخذ ثروات الآخرين، والاستثمار فيها لتأمين مصالحه وحاجاته الدنيوية المتنامية، فأن آلياته تبدلت، إذ كان مباشرا وفقا لمناهج الإغارة والغزو، التي مضت عليها البشرية لعصور خلت، حتى تغيرت رؤيتها تدريجيا منذ الحرب العالمية الأولى في القرن العشرين، وتطورت أكثر بعد الحرب العالمية الثانية.
ومناهج الاستعمار ما انتهت، واتخذت أساليب متعددة ومعاصرة، وما دامت الغاية واضحة، فأنها تبرر ألف وسيلة ووسيلة.
وفي العقود السبعة الماضية تنوعت الوسائل المؤدية إلى ذات الغاية، وهي استلاب ثروات الشعوب وحرمانها من التمتع بما عندها من الخيرات، وفي بعضها تحقق إبادة معين وجودها المادي والمعنوي، لتتحول إلى تابع قابع في أحضان الأسياد المهيمنين على مصير البلاد والعباد.
والعديد من الوسائل فعلت ما فعلته في واقعنا من تدمير وتخريب وإفقار وتهجير، فعائدات النفط يجب أن ترقد في بنوك الدول الغربية، لكي تضع يدها عليها وتستعملها لبناء بلدانها وترفيه مواطنيها، وعندما يطالب بها أصحابها تبتكر عدة وسائل لمصادرتها.
بعض الدول الصاعدة رأت أنها ستكون ذات سطوة في الدول التي ستقرضها مالا، وتبين بعد أن تراكمت الديون، أن من العسير على الدولة المدينة استرداد أموالها، بل أن الدول التي أعطتها المال أخذت تفتش عن وسائل لإعدام المديونية، وذلك بإذكاء النزاعات والحروب وتحويلها إلى غنائم.
ويذكر أن مصر باعت بالدين القطن لبريطانيا في النصف الأول من القرن العشرين، وعندما تجمعت أموال كبيرة عند بريطانيا لمصر، ونشب العدوان الثلاثي أسقطتها بريطانيا واعتبرتها غنيمة حرب.
فهكذا تجري الأمور في دنيا الغاب الدولي، فالكل يسعى للحصول على غنيمة حرب، وبعض دول الأمة أصبحت غنيمة للذين يسلبون ثرواتها ويودعونها في البنوك الأجنبية، وهم لا يملكونها، ومرهونون بها، فيتحقق إستعبادهم وتمرير الأجندات بواسطتهم، ولا يستطيعون فعل شيء، وعندما تكون الأموال كبيرة، يجري التخلص منهم، والاستحواذ على ما أودعوه في البنوك الغادرة.
فأية لعبة هذه، ومَن لا يرى أن الاستعمار فاعل في دولنا عليه أن يأتينا بخبر يقين!!
اقرأ أيضاً:
أقلام هذا ولكن والبقية تأتي!! / المنسوبية!!