هذه الكلمات فسرت بأساليب متعددة، وما ترجمت بصيغة عملية، وحسبها الكثيرون أنها جوهر الديمقراطية كما يتصورونها، مع أنها ترجمت بوضوح منذ دولة المدينة وحتى قيام الدولة الأموية، ففي زمن حكومة المدينة، وفترة الخلفاء الراشدين، مضى الحكم على مبادئ الإستشارة، فكان القادة يستشيرون ذوي الدراية والعلم والمعرفة قبل اتخاذ القرار.
فالنبي كان يستشير، وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فهم يقررون بموجب ما يتوفر لديهم من استشارات ورؤى وتصورات.
أي أن الأمة ترجمت "وأمرهم شورى" على أنها "الحاكم المُستشير"، وهي صيغة حكم مُثلى، انتهجتها في الزمن المعاصر الدول الديمقراطية.
فبالرغم من وجود مجالس نيابية منتخبة، ولكل عضو فيها دائرة استشارية، وفي المجالس لجان تخصصية تدلي برأيها وتوصياتها، فأن لكل حاكم في هذه الدول مؤسسات استشارية، وطاقم استشاري مستنير ومتعمق في القضايا على مائدة التداول.
فحكام الدول المعاصر أشخاص يستشارون، ويعبرون عن خلاصات الدراسات والبحوث والاستنتاجات المتمخضة من المراكز الاستشارية بأنواعها.
وفي مجتمعات الأمة ودولها، أغفلنا جوهرها، وحولناها إلى خيال أو سراب نطارده دون جدوى، ولهذا ترانا نتحدث عن الشيء ونأتي بما يناقضه لأننا نجهله.
فالديمقراطية تحولت في ديارنا إلى دمقراطية، وأصابت مجتمعاتنا بمقتل، لأميتنا بجوهرها وصيغها وأساليبها ومغزاها.
فحسبناها صناديق اقتراع نفرز أصواتها، ونتقاتل بعدها، ونتهم بعضنا البعض بالتزوير.
وما أفلحنا، بل دحرجنا دولنا إلى ما بعد الوراء بسنين وسنين!!
فهل من مُشير ومُستشير؟!!
اقرأ أيضاً:
لابد للخير أن ينتصر!! / ما يحركنا لا يحركهم!!