الدول كيان هرمي متواصل ومتصل، وفقا لنظام تفاعلي يضبطه دستور ذو معايير متوازنة عادلة صالحة للمواطنين في تلك الدولة، وأي خلل في نظام حكم الحياة يتسبب بتبعثرات وتفاعلات بلياردية زئبقية ذات تداعيات هائلة الأضرار.
وفكرة الهرم مأخوذة من التل، وهو ظاهرة تتكلم بلغة الطبيعة عن قوانين النظام والالتزام التفاعلي ما بين الموجودات الحية فوق التراب، فلكي تبقى وتتعاظم وتتعزز وتتطور وتترتقي عليها أن "تتلّل"، أي تبني تلّها القادر على تفعيل ما فيها من القدرات والطاقات المتراكمة في وعاء تلها، أو هرمها المميز لما فيها من المواصفات والقدرات التعبيرية والابتكارية.
ولكل مجتمع تله وهرمه.
وفي حالة تدمير الإرادة التلية أو الهرمية لأي مجتمع فأنه يعيش حالة من التناثرية الخطيرة المدمرة، وهذا ما يحصل في بعض المجتمعات التي "تفلشت" أي تهدمت دولها، وتحولت إلى ركام متناثر، مما تسبب في ظهور التفاعلات العنقودية، التي تعني تكاثر التلال الصغيرة في المجتمع، وتزايدها بأساليب أميبية ذات تداعيات مأساوية، لأنها تؤسس لموجودات متعادية تستنزف قدرات المجتمع وتبدد ثرواته وطاقاته.
وهذه الصيرورة العنقودية التناثرية حصلت في العديد من المجتمعات والدول، التي تناثر تلها وتهدم هرمها التواصلي الحيوي القادر على تنمية واستثمار قدراتها الإيجابية، وإضعاف ما هو سلبي وغير نافع للحياة.
فوجدناها ذات انبعاجات تدميرية وتداعيات متزايدة في فتكها، وسعيها الانحداري نحو هاوية الضياع والاستلاب الحضاري، الذي يحاوطها ويفرغها من دواعي بقائها وضرورتها الحياتية.
ذلك أن السلوك العنقودي يستنزف طاقات الأمم والشعوب ويدخلها في متاهات انقراضية، وتفاعلات خسرانية ذات نتائج خبيثة، توظفها القوى المعادية لتعبيد الطرقات الموصلة لأهدافها المرسومة.
وهذا واقع ما يدور في الحياة المعاصرة في بعض الدول، التي تهدمت وتمرغت برمال العنقودية وعدم القدرة على زرع بذور الألفة والمحبة والتواصل الأخوي المصيري، مما أدخلها في متوالية التصارعات الاستضعافية الموشحة بالدماء والآهات والأحزان.
وعليه فأن على هذه الدول والمجتمعات أن تدرك ضرورة إعادة الحياة لهرمها، وتتعلم كيف تحافظ على وجودها المتناسق المعتدل القامة، والعريض الأكتاف لكي تتسامق وتكون.
فهل نعرف جوهر التل الذي ينادينا؟
اقرأ أيضاً:
الجنون العلمي!! / الدافع والجريمة!!