الدين الحقيقي يدعو للأخوة والرحمة والرأفة، والتعامل الإنساني السمح الطيب، الذي يقدر قيمة الإنسان ويحترم حقوقه، وهذه هي المواطنة الصالحة.
حيث يشترك أبناء الوطن الواحد بقواسم تجمعهم، وتساهم بتقوية وجودهم وشد أزرهم وتأمين تلاحمهم، للحفاظ على مصالحهم المشتركة.
فالمواطنة تؤكد قيمة الإنسان ودوره في تقوية وتعزيز دور أخيه المواطن، وما سينجم عنها سيقوي قدرات الجميع، فالمنفعة عامة ومتبادلة والتكافل الوطني سائد.
إن إغفال روح المواطنة وجوهر قيمها وضوابطها السلوكية، يؤدي لانتفاء وجود الدين كفعل في الواقع اليومي للناس، مما يعني أن الدين سيكون مركونا على رفوف الغفلة والإهمال.
فالمجتمعات التي تغيب فيها مفردة المواطنة وتعلو عليها مفردات أخرى لا تتواكب مع الإرادة الوطنية، يكون فيها الدين مهجورا عمليا، وتصدح به المنابر كلاميا، ويتناسى الجميع أن الدين العمل، ويكتفون بأنه قول وحسب، مما يدعو للتناقض والنفاق وتسويغ الفساد والآثام والخطايا، ويكون للفتاوى الغاشمة دورها في صناعة الويلات ووضع حجر أساس الوعيد.
فلابد للمجتمعات الساعية لحياة حرة كريمة، أن تعلي من شأن المواطنة وتحمي حقوق الإنسان، وتحافظ على قيمته بأرقى وأقوى صورها، فالمواطن قيمة عليا وعندها سيكون الوطن بخير وازدهار.
وما يحصل في بعض المجتمعات أن المواطنة مغيبة، وتسحقها سنابك المسميات التي يُراد لها أن تسود وتتحكم بمصير الأجيال، وتحويلها إلى موجودات خانعة تابعة، مشحونة بالمشاعر السلبية والقوى الدونية القفراء.
فهل توجد مواطنة؟
وهل للمواطن حقوق وتحترم قيمته؟
لابد من الإجابة قبل التحدث بلسان الحرية والديمقراطية، وأخواتهما من الموضوعات الكلامية الخالية من أي رصيد في واقع الأيام.
"وللأوطان في دم كل حرٍّ....يدٌ سلفت وديْنٌ مستحقُ"
اقرأ أيضاً:
الدافع والجريمة!! / الدولة العنقودية!!