شهر نيسان ندثر أول أيامه بالأكاذيب، وهو من أصدق الشهور وأنبلها، وأكثرها عطاءً وبهجة وسرورا.
فيه تكتسي الأشجار بحلتها، وتنطلق البراعم وتغرد الأطيار، وتعتني بأعشاشها، وتأتي للدنيا مخلوقات جديدة تشارك في جمالها، وروعة نشاطات أطيارها.
نيسان شهر الربيع في أرجاء المعمورة، وكان عندنا في الموصل عيد الربيع، وهي التي تسمى "أم الربيعين"، وللجواهري قصيدة بذات العنوان "مطلعها"
"أم الربيعين فقتِ حسنهما...بثالثٍ من شبابٍ مشرقٍ خضلِ
....
أم الثغور التي ناغى ملاعبها...رأد الضحى، إذ ربوع الشرق في الطفلِ"
والتركيز على موضوع "كذبة نيسان*" يتخذ تكرارية سلوكية لتعزيز الكذب والقبول به واعتباره من مناهج الحياة المعاصرة، فأصبح طاغيا وفاعلا في أيامنا، بما فيها من مؤسسات ورموز وأنظمة بأنواعها، حتى وكأن الكذب من الإيمان، أو جوهر العقيدة والدين.
فهل أن الترويج للكذب في مطلع الشهر مقصود؟
لا يمكن الجزم بذلك لأن "كذبة نيسان" موجودة في المجتمعات الأخرى، لكن التركيز عليها وتسويقها واهتمام وسائل الإعلام بها، وكثرة الحديث عنها، ربما يشير إلى التقليل من مخاطر الكذب، الذي تعاقب عليه قوانين الدنيا بأسرها، وكأنه الحاكم في ديارنا.
ومن الواضح أن الكذب من أبغض العادات وأشدها تدميرا للمجتمعات بأفرادها ومؤسساتها، وما أكثر الأقوال في تراثنا المعرفي التي تحذرنا من الكذب، ومنها:
"ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون" البقرة: 10
"إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار" حديث
و"حبل الكذب قصير"
فهل سيكون الصدق من الإيمان في سلوكنا؟!!
*يقال أن أصلها ما جرى للعرب في الأندلس بعد سقوطها من مذبحة مروعة بكذبة في أول نيسان
اقرأ أيضاً:
الهابطات!! / " أبجد هوّز..."!!