الكاغد: الورق الذي يكتب عليه
يقال أن الفضل من "خالد بن يحيى البرمكي" أدخل صناعة الورق إلى بغداد بعد أن عاينها بنفسه في سمرقند.
وكان "هارون الرشيد" يشجع الكتابة على الكاغد، حتى انتشرت المفردة بين الناس، وصار للوراقين سوقا فيها مئات الدكاكين لنسخ الكتب، ويذكر أن صناعة الورق انتشرت في أرجاء الدولة العباسية فيما بعد.
ومضت البشرية تمشي على الورق، وبلغ القرن العشرون ذروته في صناعة الورق، وما جرى عليها من تحسينات، وما أن أزف القرن الحادي والعشرون حتى برزت الشاشة، التي انشد إليها البشر منذ طفولته، فأصبحت العلاقة معها أشد وأقوى مما مع الورق، حتى صرنا في عالم يسعى للتحرر من الورق.
فهل سيموت الكاغد؟
وهل سنستعيض عن الورق بالصفحات الإليكترونية؟
العلاقة بين البشر والكاغد تفاعلية ومعرفية، فهو يذكرنا بقراءة ما مكتوب عليه، أما العلاقة بين البشر والشاشة فعلى ما يبدو إدمانية، لتحفيزها العديد من العُصيبات الدماغية، ويتواصل النظر إليها، لأنها ذات منبهات متجددة ومتنوعة، وهذا الميل الإدماني يساهم في زيادة مدة الالتصاق بها، وعدم مغادرتها بسهولة، وعليه فأن القراءة في الشاشة ستتفوق على القراءة في الورق.
ومن المعلوم أن الكتابة أصبحت بواسطة "الكي بورد" أي أنها شاشوية، وعليها أن تكون مكتوبة لتقرأ على الشاشة لا على الصفحات الورقية.
فالكتابة المقروءة تكون بحجم الشاشة أو أقل، ليتسنى للقارئ التواصل معها، كما أن المحسنات الفنية واللونية عليها أن تظهر فيها، فنحن نكتب كتابات ورقية يقرؤها الآخرون على الشاشة، بينما يجب أن تتوفر فيها المروّجات اللونية والفنية المتوافقة معها، لا أن تكون باللون الأسود وحسب، وبدون مسوقات فنية، فالكلمة لوحدها لا تكفي لترويج الفكرة.
والكتابة المعاصرة تعكس شروط ومفردات الزمان الذي تُكتب فيه لتحيا وتؤثر.
فهل سنكتب تواكبا مع سمات العصر؟!!
اقرأ أيضاً:
خمر القوة والفساد!! / سلوك الإفراط!!