ظاهرة عجيبة تسري في مجتمعاتنا منذ أمد بعيد، وخلاصتها أن المشاعل المنيرة تأكل بعضها، فلا تتكاتف مع غيرها لزيادة مساحة النور، فكل مشعل يريد الهيمنة وادّعاء التنوير لنفسه وحسب.
لا يوجد تفسير معقول لهذا السلوك العقيم، المشحون بالخسائر والإظلام.
فمن البديهي أن زيادة عدد المشاعل ستنير مساحة أكبر من حولها، أما أن نسعى لإطفاء أي مشعل، والتوهم بأن المشعل الفلاني هو الأقدر على الإضاءة، فعين الألس وجوهر الأفون.
فعلى هذا المسار تتحرك الأجيال، وكل يحمل سيفه البتار ليقطع به الأعناق المشرئبة، الطامحة لبناء كينونة ذات قدرات حضارية معاصرة، فأنا لوحدي ولا غيري.
وعندما نعاين مستويات التفاعل بأنواعها، نجدها تتحرك وفقا لتلك النمطية الخائبة، مما يعني أن المجتمع يفشل في صناعة الانطلاقة اللازمة للقوة والعزة والكرامة والسيادة.
فإطفاء المشاعل المتنوعة يتسبب بخواء معرفي، وجدب إدراكي، وضعف في التصدي للتحديات، فالأمم القوية تسخّر قدراتها وتُفاعلها وتضمها لتكون حزمة قوية.
وفي تراثنا قال المهلب بن أبي صفرة لأولاده:
"تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا ... وإذا افترقن تكسرت آحادا"
وهي نظرية سلوكية تتدحرج في تراثنا، وما تعلمنا التعبير عنها بأفعالنا، بل نتصرف ولسان حالنا يقول: "أكلتُ يوم أكل الثور الأبيض"!!
ترى لماذا نخمّد بعضنا؟!!
سؤال جوابه حيران!!
اقرأ أيضاً:
نهاية قائدين!! / الأقلام الجريئة!!