لطالما كان في تاريخنا البشري وفي جميع الثقافات العظيمة، لا سيما الثقافة العربية، أصل الوفاء، واحترام وتقدير الكبير، وإجلال مساعدنا ومن أعطانا، مكانة مهمة، فمثلاً قال تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" ... وهذا فقط مقام تركيز وتنويه فقط إلى عظم أجر بر الوالدين في ديننا وحياتنا سواء كنا مسيحين أو مسلمين، وهذا ليس مقام شرح لأهمية بر الوالدين إذ أن الكلام في هذا الصدد يطول.
الغرض في هذا الموطن من الكلام عن بر الوالدين، هو الكلام عن بر الوالدين العصري لكن ماذا يعني هذا؟
كانت أعمار البشر سابقاً تصل بصعوبة للخمسينات والستينات، وأما الآن فتوقع يصل بسهولة للثمانينات، ومن العمر هنا نشأت مفاهيم كثيرة:
أولاً: الكبار أصبحوا معرضين للخرف، فبالتالي إذا كان والدك يعاني الخرف، وقال لك: عليك أيها الولد أن تعطي هبة أرض قيمتها ١٠٠ ألف دينار لنادل محترم في مطعم، لأنه ابتسم في وجهه، فهنا طاعة الأب لا تعتبر براً له، لأنه بذلك قد يكون بقراره هذا يعرض العائلة كلها للخطر حيث قد تكون هذه الأرض هي معظم ما تملكه العائلة، ويصبح أمراً قريباً من الواجب، والله أعلم، الحجر القانوني الطبيعي الأب، بالتعاون ويدفع قاضي القضاة والطبيب النفساني والجهات المعينة مثلاً.
- ثانياً: الوقاية خير من العلاج، فبر الوالدين يبدأ من مرحلة ما قبل شيخوختهم أصلاً.
- لربما تشجيع والدك على ممارسة الرياضة والتزام العبادات والأنشطة الجماعية وأخذه لضبط السكر والضغط وتشجيعه على الالتقاء بأصحابه هو من أفضل ما يمكن أن تقوم به. كذلك تشجيع والدتك على زيارة صاحباتها وأخذ الأحفاد لها وتحفيزها على أن تكون على جدول غذائي وعلى دفعها للذهاب للنادي الرياضي وحتى جلب المدربة الرياضية للبيت لمساعدتها، كل هذا من شأنه أن يكون من بر الوالدين.. بالطبع التواصل مع أطباء المفاصل، العظام والعيون والطبيب النفساني على الدوام هو أمر في غاية الأهمية، لمصلحتهم.
ثالثاً: الطبيب النفساني في غاية الأهميه لكبار السن، فليس هو فقط لتشخيص وعلاج الخرف، وإنما هو مهم لعلاجه الاكتاب، التوتر، مشاكل النوم، وحتى مشاكل الإدمان لكبار العمر.
رابعاً : ليس كل خرف هو خرف الزهايمر، فأنواع الخرف أكثر شيوعاً: خرف الزهايمر، الخرف الوعائي، خرف باركنسون، والخرف المختلط بأكثر من نوع، ومن هنا، فعلينا التعاون مع طبيب الأعصاب وليس فقط الطبيب النفساني في مواضيع كبار العمر.
خامساً: كيف يكون هناك ازدياد لحالات الإدمان بين الكبار؟ هذا موضوع غير عادي فقصته تبدأ من جهل الكبار بالطب النفساني. لا يذهب معظم الكبار للطبيب النفساني إن كان لديهم مشاكل قلق وما إلى هنالك، ويتناولون أحياناً المهدئات بلا رقيب، وحتى أحياناً الكحول ليقف مخهم عن التفكير ويتسنى لهم الدخول في النوم. من هنا يكون المدخل للإدمان الكبار على الكحوليات والمهدئات، هذا إضافة لتعاطيهم هذه المواد لعلاج الاكتئاب وما إلى هنالك بناء على اجتهادهم الخاص، وليس بناء على خطة علاجية محكمة من الطبيب النفساني، الجيد الذي لو ذهبوا إليه من البداية لربما لم يكن هناك إي داع ليلجؤوا للإدمان.
طبعاً، آلام الغضروف، الأكتاف، والرقبة لدى الكبار شائعة جداً، فبالتالي زيارتهم لأطباء العظام ليست أمراً نادراً، وأن كتب بأطباء العظام قاتل ألم إدماني بكميات غير قليلة لفترة طويلة، فالكبير بالعمر قد يدخل بسبب ذلك لعالم الإدمان، وهذا أمر علينا التوعية منه.
قدرتك على حماية والديك استباقياً من الإدمان بأخذهم إلى طبيب عظام وطبيب ألم جيد إن احتاجا ذلك، وقدرتك على حماية والديك من تفاقم مشاكل الأرق والقلق والاكتئاب بالتنسيق مع طبيب نفساني مناسب، كل ذلك ممتاز لهما على المدى البعيد.
كذلك التشديد عليهما ليقوما بعمل فحوص كل ستة أشهر لدى طبيب الباطنة، ليتأكدوا من غياب السرطان من كل هذه أمور ممتازة وجيدة لهما على المدى البعيد.. أيضاً التواصل مع خبير تغذية جيد، إن اقتضى الأمر لصحتهما، أمر مهم.
واقرأ أيضا:
مدونات مجانين / استطاله العمر.. كيف؟ وماذا يعني هذا؟