"...وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض..."
الكثيرون يتصورون بأن ما يحصل في واقع الأمة من تفاعلات ومحاولات دليل على الترهل والاضطراب، ويختصرون الحالة القائمة بأنها تعبير عن التبعية والهوان.
والحقيقة أن النهوض في بدايته يكون مشوشا ومختلطا، من الصعب تأكيد مسار دون آخر، فكل المسارات تمضي لمداها، والمسار الصالح للبقاء سيجتذب الناس وينفي المسارات الأخرى.
أي أن الزمن وإرادة الطرد المركزي الدوراني ستبقي ما ينفع وتلفظ ما يضر، وذلك القانون الفاعل في البشرية منذ الأزل.
فالولادات لا تتوقف، ومنها مَن يكون له شأن، ومنها مَن لا يتجاوز ترابه، بعضها ينتصر على الجاذبية بقدر معلوم، وأكثرها ينوء من ثقلها وقوتها الشادة للسكون والإتلاف الأبيد.
وعندما نضع صنوف الإبداع في الميزان، يتبين التسابق نحو النهاية، التي لن يصلها غير الذين امتلكوا المؤهلات الاقتدارية، لقطع المسافة والتغلب على المتسابقين، كمارثونات قلمية ذات مناهج وخطوات متنوعة، وطاقات تواصلية متباينة، ولابد من الفوز في نهاية المطاف للقدرات الصالحة للحياة.
والحياة في جوهرها نهر يجري ويلفظ على ضفافه ما لا يصلح للبقاء في قلب التيار، وهكذا هي الأيام وما تأتي به الأقلام، فالجريان الدافق سيقرر مَن الذي سيصل إلى شلالات المصب، وبحيرات التألق والعطاء الأصيل.
فلغة الواقع غير لغة الخيال والمثالية والتصورات السرابية، فالبشر هو البشر، وإخراجه من آدميته، وتحويله إلى موجود مثالي، لا يتفق ونواميس الأكوان، فالموجود الترابي لا يختلف عن أي مخلوق منبثق من رحم التراب.
فعلينا أن نتعلم الإخلاص بالعمل، والانتماء لما نقوم به بحرص وإصرار ومواظبة، فالتواصل يطلق خلاصة ما في الحي التواق للإبداع الأثيل.
فهل لنا أن نرى ببصيرتنا لنتبصّر؟!!
اقرأ أيضاً: