مشاركة، محنة المرأة المتعلمة
بسم الله الرحمن الرحيم،
حضرة الدكتور وائل،
حفظكم الله ووفقكم لخدمة المسلمين، لم يكن ما كتبته موجه إلى الموقع كعتب وإنما هي خاطرة رغبت أن أرسلها إليكم. فأنتم يا سيدي من القلائل الذين ينصفون المرأة المسلمة، ربما معيشتي في الغرب جعلتني أحنق على المجتمعات العربية، ومع كل هذا الجدل العالمي حول اضطهاد المرأة العربية، وحنق الرأي العام العربي على التصريحات التي تخرج من هنا أو هناك في الغرب على حجاب المرأة أو نقابها. أرى أن العرب المسلمين هم من الذين يجعلون أنفسهم في هذا المكان. فهم يضطهدون المرأة.
أنا فتاة محجبة ولم أسمع إهانة ولم يلحق بي تمييز بسبب حجابي في أميركا إلا من بعض العرب، وهذا مدعاة للحزن، نعم هناك الكثير من العرب المسلمين المتنورين أمثالكم ولكن نحن بحاجة إلى أكثر.
أنا فخورة بكوني مسلمة فالرسول شبهنا بالقوارير ولعمري لا يوجد وصف أدق من هذا، ولكن: لقد أسمعت إذ ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي!
لقد بات الرجل يعامل كما الطفل المدلل بينما المرأة هي جبل المحامل. إذا مرضت فالهم أكبر أن يحتمل. إذا أصيبت بإعاقة بسيطة فهي بضاعة كاسدة، إذا أخطأت فهي عار، وإذا نجحت (كله ماشي بس ما تصير عقدة).
ونهاية أتمنى أن يتحول مشروعكم الالكتروني إلى مؤسسة بحثية ترعى لجان نهوض مدنية.
ووفقكم الله
7/11/2006
الأخت العزيزة نهال أهلا وسهلا بك وبمتابعتك لهديتك الأولى لمجانين، أولا أسأل الله أن يسمع منك ويتقبل دعاءك لمجانين الذي نسأل الله معك أن يتحول من مشروع إليكتروني إلى مؤسسة بحثية ترعى لجان نهوض مدنية... إنه تعالى سميع مجيب.
أنت مصرة إذن على تفجير القضايا الشائكة.... أنت تقولين أن الرجال في مجتمعاتنا يضطهدون المرأة، وهذا مع الأسف صحيح إلا أنني لست مع تعميمه كحكم شامل، بمعنى أن هناك نماذج كثيرة جدا في الواقع المعاش تقول بغير ذلك رغم أن نماذج أكثر تقول بأن المرأة عندنا مضطهدةٌ ومكتومةٌ أنفاسها... وأرى أن المضطهدات ينقصن جيلا بعد جيل بينما المُحَررات يزددن جيلا بعد جيل!، واقرئي كمثال ما ظهر عن ضرب الزوجات لأزواجهن: ضرب الأزواج
وأرى هذا التغير طبيعيا في خضم التحول الذي تعيشه مجتمعاتنا العربية -وهي غير مستعدة له الاستعداد اللازم مع الأسف- إلا أنني في نفس الوقت لا أنسى ما أشرنا إليه عن ضرورة التكوين قبل التمكين بل وقلنا أننا في مجانين نتخذُ من محاولة رسم ملامح تكوين الفتاة العربية التي تصلح للتمكين أو حتى وضع إشارات على الطريق، نتخذ من ذلك أحد اهتماماتنا الأولى بالرعاية في هذا الوقت من حياة الأمة، وذكرنا ذلك في ثلاثة صفحات على استشارات مجانين:
عذراء وتود الرحيل عنه وعن ذاكرته: متابعة3
متى تصنعين الحياة؟: أقوى من الاكتئاب
لأنني بنت: أنا أصنع الحياة، متابعة6 في مشاركة4
رغم المآسي التي قرأتها في تلك الروابط وما بداخلها من روابط لعل أحدها أخذك إلى حكاية "بهدلة" التي أصبحت "منار" رغم ذلك كله فليست كل معاقة في مجتمعاتنا بضاعة كاسدة، وليست كل مخطئة اليوم عارا، ولا كل متعلمة محنة يا نهال، وإن كان منهن مثل ما ذكرت فإن العدد -فيما خلا محنة المتعلمة- في تناقص ملموس، بينما عددُ المتعلمات من ذوات المحن في تزايد، لأن صعود الفتاة العربية لم يقابله صعود مكافئٌ من الشاب العربي.
إذن نادينا في مجانين وفي غير مناسبة إعلامية أنا وابن عبد الله إلى ضرورة التكوين قبل التمكين ومثلما طالبنا بتكوين البنت والفتاة والشابة والمرأة طالبنا بتكوين الولد والفتى والشاب والرجل الممكن فعليا دون تكوين حسب رأينا في مجانين.
لكنني أحسب الآن أننا تدافعت مؤسساتنا الرسمية والإعلامية الأكثر انتشارا في طريقٍ مُتَزَحْلِقٍ نحو التمكين والتمكين دون أي اشتراط للتكوين وأبسط نتائجه أن عندنا في مصر في مجتمعنا الإسلامي.حالة طلاق كل 6 دقائق!! هذا التزحلق المتسارع لست أدري كيف سنجاريه، ولكن لعل لنا شرف النداء والكفاح وإن أخذتنا عن اهتماماتنا الأولى بالرعاية خطوب جلل مثل ما شغلنا جميعا في مساندة أهلنا في لبنان كما تجدين تفصيله في مدونة لبنان بعد الحرب السادسة ساقية الصاوي، وها أنت تناديننا للعودة، فلبيك يا أخت.
أعود لأقول لك أن المجتمعات العربية الآن في حالة من "العك" المعرفي والسلوكي، وقضية المرأة العربية المسلمة جزءٌ من هذا "العك"، ونحن إذا تساءلنا بأمانة بيننا وبين أنفسنا... يا ترى كم عدد العربيات المسلمات –المقيمات في مجتمعاتنا، لا في المهجر- وهن بالفعل مكونات تكوينا صحيحا أو على الأقل بالقدر اللازم للتمكين؟؟؟ كم يا ترى تخمنين وأين هن؟؟ أين يا أختي؟ ويا أصدقاء مجانين أين؟
والتمكين قبل التكوين هو مع الأسف ما سيتحقق في مجتمعاتنا -بفرض الإرادة الأمريكية أو الغربية بشتى الصور والسبل وقبول أولى الأمر منا- وليعترض من يعترض.... فيتهم بالإرهاب ومعاداة المصالح الأمريكية أو الغربية،....... أقول لك بصراحة نحن فعلا في حالة "عك" ولكننا أحياء ما نزال نسمع ونقرأ ونحس بقلوب وعقول مسلمة تحسب نفسها على حق وتسأل الله أن يستعملها في طاعته وأن يجري الحق على لسانها.... هؤلاء هم جلُّ من نعرف من مستشاري مجانين، وهناك غيرنا كثيرون كثيرون والله سبحانه قادر على إنفاذ مشيئته، والخلاصة هناك بإذن الله ألف حياة لمن تنادين............ عندنا منهم ثلاثة وثلاثون مستشارا على مجانين كثر الله منهم ولا نزكي على الله أحدا، ونعدك بأن نجمع ألفا... من خلال مجانين.
أعلم بعد كل ذلك أننا ما نزال قاصرين عن الأداء أهدافنا كبارٌ وخطواتنا صغار ما تزال لكننا نعد بالمزيد من الجهد والإخلاص ونسأل الله أن يجعلنا كما دعوت لنا مؤسسة بحثية ترعى لجان نهوض مدنية، يا رب... دعواتك ودعوات أحبائي أصدقاء مجانين.
اقرأ أيضا:
يوميات مجانين: على مشارف الوسوسة / يوميات مجانين: معتكفا بالموبيل / يوميات مجانين: الهزيمة فعلاً هزيمة العقول / يوميات مجانين: الاستماع لسورة طـه