ابتسمت للرائعة نجلاء بدير مداعبة إياها ونحن في قمة التوتر والإحباط أثناء التحقيق مع إبراهيم عيسي بتهمة "نشر أخبار كاذبة قد تثير البلبلة وتسيء إلى سمعة البلاد". يخيم علينا الخوف على حرية التعبير في مصر والدخول إلى حقبة مظلمة تمنع كل صاحب رأي شجاع من الكشف عن أخطار حقيقية تضر مصلحة الوطن والمواطن وتقضي على الأداة القوية لمحاربة الفساد ألا وهي الشفافية. فيتضاءل أي أمل في مستقبل أنظف.
المهم داعبت نجلاء قائلة: "ألا تلاحظين أن كل أصدقاء إبراهيم الذين شرفوا بالوقوف معه سبع ساعات في الطل تحت أشعة الشمس الحارقة ومعنا بالطبع عساكر الأمن المركزي الغلابة أمام نيابة أمن الدولة يوم التحقيق معه من النساء".
طبعا مع استثناء المحامين ووفد نقابة الصحفيين الذين حضروا معه التحقيق (في التكييف....ها ها ها) وكلهم للأسف رجال_ولا أتجاهل أيضا ناشطي حزب الغد وعلى رأسهم جميلة إسماعيل فأنا أتكلم عن الأصدقاء. فأجابتني نجلاء ببساطة:"أصل الستات أجدع" فاستطردت: "بل هم لا يحسبونها فينفذون ما يؤمنون به وفقط". وكل يوم تهديني الحياة نماذج لنساء شجاعات مستعدات لمواجهة أعتى الأنظمة فهذه "سيبيل إدموندز" الأمريكية من أصل تركي التي واجهت FBI مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي وكوندوليزا رايز وزيرة الخارجية الأمريكية والكونجرس بل البيت الأبيض نفسه لتفجر فضيحة تجسس محورها تركيا وأمريكا وإسرائيل، إضافة إلى حركات إسلامية متطرفة.
"سيبل كانت وقتها في الثانية والثلاثين، متزوجة وتعمل مترجمة بال "أف بي آي" منذ ستة أشهر فقط، عندما حاولت زميلتها في القسم تجنيدها بمنظمة للتجسس على بلدها أمريكا. أبلغت رؤساءها المباشرين فطلبوا منها التزام الصمت فلم تصمت بل توجهت إلى القيادة الأعلى فاعتبروها مزعجة واتخذ القرار على أعلى المستويات بفصلها من عملها. فعاشت سنتين في وحدة وعزلة وإحباط بعد أن فشلت محاولتها لاستعادة حقها نتيجة لاستخدام المدعي العام جون اشكروفت لقانون نادرا ما يستخدم هو "امتياز أسرار الدولة" وهددوها بالسجن إذا نطقت بكلمة.
ولكن عندما تنفي رايس وجود أية دلائل تشير إلى هجمات 11 سبتمبر أو تتنبأ بها قبل وقوعها. ترد عليها سيبيل بأن هذه "كذبة شنيعة.. هذه أكبر خدعة" وتدلل على ذلك بأن تقرير 11 سبتمبر الذي صدر في 24يونيو 2004 لم يتضمن شهادتها كما تصف أعضاء اللجنة التي أعدت التقرير بالمحتالين وبأن هدفها هو "فضح الأنشطة الإجرامية. فإذا كانت الحقيقية تؤلمهم فهي ستحررني". وعندما تحصل على جائزة "القلم" العالمية تقول "اليوم نواجه طغاة يستخدمون ذريعة الأمن القومي لتكميم الأفواه". لقد تعرفت على تلك المرأة الشجاعة من خلال الفيلم التسجيلي "اغتيال امرأة" للمخرجين الفرنسيين ماتيو فربو وجون فييه.
بعد الفيلم عقب أحد النقاد السينمائيين قائلا كيف أتت بهذه الشجاعة؟ إنه شيء لا يصدقه عقل. فأجبته هكذا هم النساء بل أجد ما فعلته "سيبل"طبيعيا ووطنيا ولا غرابة فيه. فما غرابة أن تكسب نفسك ولو خسرت العالم وتصبح كما قال عنها الممثل العظيم "بول نيومان" في شهادته التي ضمها الفيلم "لقد أصبحت سيبل رمزا للمدافعين عن حق المواطن في المعرفة وأشهر مفجرة فضائح". وللتعرف أكثر على سيبل ونشاطها ادخل على الموقع الالكتروني www.justacitizen.com
اقرأ أيضاً:
اعترافاتي الشخصية ديمقراطية بالـ3 / المرأة الإعلامية.. تاريخ أحمله على كتفي / اعترافاتي الشخصية: وكرهت أني امرأة / بين موما ويو موما ساعتان بالقطار