من ستختار رئيسا للجمهورية؟
لعل هذا هو أكثر سؤال تتناوله الألسنة هذه الأيام. فلا أكثر من الحديث عن من الشخص الذي سيقع عليه الاختيار. ولا عجب في ذلك فلأول مرة يشعر المصريون أنهم سيختارون رئيسا لهم. إنما العجب هو ثنايا الأحاديث عن ذلك الأمر.
فأنت لن تسلم من الانتقاد -وأقول الانتقاد وليس النقد- حين تفصح عن الشخص الذي تفكر في اختياره. الجميع يرى أن الديمقراطية يجب أن تكون أساس الاختيار، إلا أن تلك المناقشات الدائرة تخلو في معظم الأحيان من معنى الديمقراطية وحرية التعبير والاختيار.
فأنت إذا قلت أنك ستختار مثلا مرشحا من المرشحين -كما يصطلحون عليه حديثاً ولا أعرف من أين جاءت التسمية- مرشح إسلامي فإنك ربما تصبح في نظر البعض -المعارض للمرشحين الإسلاميين- إنسان متشدد تريد أن تعود بالبلاد إلى عصر الجاهلية. وإن قلت أنك ستختار مرشح تَقلَّد منصبا رسميا سابقا وأنك ستختاره إما لأنك مثلا ترى صلاحيته أو ربما تختاره بمبدأ أخف الضررين، فأنت في هذه الحالة ارتكبت جرماً شائنا وربما ينعتك البعض بأنك من الفلول. وربما تجد العيون تقول لك خائن عميل!
ربما تختار مرشحا ليس لأنه هو المناسب لكنك تراه الأنسب بين المرشحين رغم عيوبه وتحفظاتك عليه. وربما تستخدم مبدأ أخف الضررين كما ذكرت لأنك ترى أن المرشحين الآخرين قد يكونون وبالاً على البلاد إذا تم اختيارهم.
أما إذا قلت أنك لن تشارك في الانتخابات لأنك لا ترى أن أي من المرشحين يستحق الاختيار وتكون وجهة نظرك مثلا أن اختيارك للشخص الخطأ سيكون مشاركة في شيء خاطئ. فأنت سلبي لا تقوم بدورك تجاه بلدك.
للأسف أنت في جميع الأحوال ستكون مثل جحا الذي خرج مع ابنه والحمار. تارة ركب هو الحمار وترك ابنه سائرا وتارة ركب ابنه الحمار وحده وسار جحا على قدميه وتارة لم يركب لا جحا ولا ابنه الحمار وفي جميع الأحوال لم يسلم جحا من انتقاد الآخرين، وربما خطأ جحا الفعلي أنه اصطحب معه الحمار!
وللأسف كثير من الانتقادات لاذعة وربما لا تخلو أحيانا من لطم الخدود معلنة لك عن تفاهة عقلك الذي يختار. هم يؤمنون بالديمقراطية التي يجب أن يمارسها الجميع لكن لسان حالهم يمارس نفس المنطق الذي ذكره أحمد مطر حين كتب:
قال لزوجه: اسكتي . وقال لابنه: انكتم.
صوتكما يجعلني مشوش التفكير.
لا تنبسا بكلمةٍ أريد أن أكتب عن حرية التعبير!
لذلك لا أجد غير أن أقول لنفسي وسط تلك الانتقادات المستشرية... اختار وانت ساكت، لأننا قوم للأسف ينادون بالديمقراطية ويذبحون من يمارسها!!
اقرأ أيضا:
عمر سليمان.. السيناريو الأسود/ مرشحو الرئاسة والبيئة/ بروفيل مرشحي الرئاسة 1