المقصود بالدين، النهج أو المنهج الذي يسير عليه الحكام، فأخلاقهم تنعكس على سلوك المجتمع، فيتفاعل الناس فيه وفقا للمنهج، الذي اختطه الحاكم لنفسه وحاشيته وحزبه، أو غيرها من المتصلات به وبما فيه وعليه. وهذا مثل عربي معروف منذ قرون، وتتداوله الأجيال على مر العصور. فالحاكم العادل يحقق أمنا وسلاما وعدلا ورفاهية، والحاكم الظالم يتسبب في المساوئ والتداعيات والمظالم والآلام والمقاساة.
والتفاعلات على طرفي المعادلة متوازنة ودقيقة، فلا يمكن تبرئة أي مسؤول أو حاكم، مما يحصل في بلاده أو دائرته، أو رقعته الجغرافية التي يتولى المسؤولية فيها. فأنى يكون الحاكم أو المسؤول يكون الشعب، وليس العكس! فالعيوب في الكراسي وليس في الشعوب!
والكثيرون من الجالسين على الكراسي في البلدان المتأخرة، من الذين يتمتعون بجهل فاضح، وثقافة قليلة، ومهارات ضعيفة، وتتحكم فيهم أحوالهم الانفعالية، وتصوراتهم المبدئية والعقائدية المتحجرة الضيقة، العاجزة عن صناعة ما يمت للحياة بصلة. وتتمكن منهم النفس الأمارة بالسوء، وتستلب إرادتهم بطانتهم، والحاشية النزقة المنفلتة الرغبات، والساعية إلى الاكتناز وجمع الذهب والفضة، لأنها تعرف بأن الحال لا يعرف الدوام، وإنما يمضي إلى مآل، لابد لها أن تستعد له بالأموال. فالشعوب بحاجة إلى قادة أطهار أنقياء أصفياء، يؤمنون بالشعب والوطن، وبالحياة الحرة الكريمة.
فليس من الصائب اتهام الشعوب فقط، لأنها تريد أن تبقى، وتتصرف وفقا لإرادة البقاء، التي قد تخرجها عن خلقها ومبادئها ودينها في أكثر الأحيان. لكن الأصوب أن نشير إلى الكراسي، التي تمتلك قدرات تخريب الشعوب، وتدمير الوجود الوطني والإنساني، خصوصا عندما تنغمس في مشاريعها الشخصية والحزبية والفئوية، وتمعن في الفساد، ولا تعرف إلا أن تتمسك بالمناصب والكراسي، وتنكر وجود الشعب وتلبية حاجاته.
فالكراسي السيئة تصنع نظاما سيئا، يسوّغ مساوءها، والكراسي الخيّرة، تصنع ما يسوّغ خيرها ويعين أخيارها على العطاء الصحيح.
وفي التأريخ دروس وعِبَر، وفي الزمن المعاصر مئات الصور، فأي شعب بحاجة لقادة، ولم يكن الصينيون بأفضل حال منا، كذلك الكوريون، لكنهم امتلكوا قادة وطنيين مؤمنين بالوطن والشعب، ولهذا كانوا، وتقهقرنا وتراكمت مواطن الإذلال والهوان في ربوعنا!!
واقرأ أيضاً:
بلاد الأرقام أوطاني؟!!/ العقيدة العلمية الغائبة!!/ هل نراجع لكي نكون؟!!/ الاعتماد القاتل!!/ صوت الكلمة!!/ تحيا مصر قدوة عربية منيرة!!/ السلطة والدولة!!/ عيدٌ؟!على من عائدٌ يا عيدُ؟/ أين العيد؟!!/ الأمانة والهجرة!!/ الانكسار العلمي!!/ الجمال والاقتراب الأفلاطوني!!/ المُقسّم يتقسّم!!/ وحدة المعنى الإنساني!!/ أقدامنا عقولنا!!