في زمنٍ تتكاثر فيه الألقاب، صار بعض الناس يعتقد أن الشهادة العليا جواز مرورٍ إلى صوابٍ أبدي، فما أن تُضاف كلمة «دكتور» إلى الاسم حتى يتحول الرأي الشخصي إلى فتوى معرفية، والميل العاطفي إلى «نتيجةٍ علمية»، ويصبح الخلاف مع صاحبها نوعاً من التجرؤ الوقح على الحقيقة، رغم أن الحقيقة لا ترتدي، حسبما أعرف، روب التخرّج! العلم، مهما علت درجته، لا يهب صاحبه عصمةً فكرية، بل يُفترض أن يمنحه تواضعاً معرفياً يدفعه إلى الشك أكثر مما يمنحه يقيناً، غير أن كثيرين ممن بلغوا أعلى الدرجات الأكاديمية يخلطون بين المعرفة كأداةٍ للفهم والمعرفة كوسيلةٍ للتأثير والسيطرة، فترى بعضهم يتحدث في قضايا الإنسان والحياة والحب والروح والمجتمع، كما لو اقرأ المزيد
أقلامنا تخط بمداد الرثاء والاستياء على مر العصور، ولا تزال في أوج تعبيراتها البكائية وإبداعات الندب والقسوة على الذات والموضوع. دموع دموع، إيقاع تفاعلاتنا دامع حزين، يفوح منه الأسى والأنين، ولا توجد كوة للفرح أو نافذة لدخول أنوار الحياة إلى دياجير مآسينا. ثراء وخواء، ومعاشر مساكين وفقراء، يعيشون بإملاقٍ وعناء، وبعض يثرى ويبني كروشا، وأكثرية جائعة تستجدي العطاء من سراق حقوقها الأجلاء. اقرأ المزيد
في كل فصل دراسي، هناك ذلك الطالب الذي يجيب على كل سؤال قبل أن ينتهي الأستاذ من طرحه، يحل المعادلات المعقدة وهو نصف نائم، ويشرح النظريات بطريقة أفضل من الكتاب نفسه، نقف أمامه مبهورين، نهمس لبعضنا: «هذا الشخص سيصبح شيئاً عظيماً يوماً ما»، ثم تمضي عشرون سنة، فنجده لم يتحرك من مكانه، بينما تجاوزه من كان يجلس خلفه في الفصل! في مسرح الحياة هنالك أمور محيّرة، أحدها أن الذكاء، ذلك الشيء الذي نتباهى به ونعتبره تذكرة الدخول إلى عالم النجاح، قد يتحول أحيانًا إلى اقرأ المزيد
في الساعة السادسة صباحاً، يستيقظ آلاف البشر ليذهبوا إلى أعمال تسحق أرواحهم، يحملون ابتسامات مزيفة، يتجرعون إهانات مهذبة، يعودون منهكين لبيوت قد لا تكون أكثر راحة، ثم يأتي من يقول لهم بكل بساطة: «اعتزل ما يؤذيك»، وكأن الحياة مسرحية يمكنهم الخروج منها متى شاؤوا، وكأن الالتزامات محض أوهام، والمسؤوليات مجرد خيارات! «اعتزل ما يؤذيك»، نصيحة تبدو حكيمة في عالم مثالي، لكنها في عالمنا الحقيقي تشبه أن تقول للسمكة اتركي الماء إن كان ملوثاً، أو للطائر تخلَّ عن جناحك المكسور، اقرأ المزيد
بيت الحكمة بدأ إنشاؤها في زمن هارون الرشيد (170 – 193) هجرية، وتألقت في زمن المأمون (198 – 218) هجرية، ومدة سطوعها الحقيقية ربما كانت لعقدين، وهي فترة خلافة المأمون، وبعد ذلك أصابها الإهمال التدريجي، وتآفل دورها وخمدت أنوارها المعرفية. وبعد انتقال العاصمة إلى سامراء تآكل بيت الحكمة، وانتشر العلماء والمترجمون الذين كانوا مكدسين في بغداد، وتوزعوا في حواضر الدولة العباسية وإماراتها، التي أخذت تنفصل عن إرادة المركز فيما بعد. وأكثرهم أنشأ بيت حكمته الصغير الخاص به، اقرأ المزيد
يبدو أن مصير المكتبات الشخصية ربما سيكون أسوأ من مصير بيت الحكمة في بغداد يوم اجتياحها في (8-10\2\1258). في السبعينيات كان لي عدد من المعارف الذين يجمعون الكتب والمجلات، وعندما غادروا بيوتهم تحولت مكتباتهم إلى سجير في التنور، وذات مرة أنقذت بعض الكتب من فم التنور ولا زلت أحتفظ بها، لأنها أضحت نادرة. أعرف العديد من الذين جعلوا المكتبة ديكورا في غرفة الاستقبال، والكثيرون وضعوا الكتب في رفوف شغلت حيزا كبيرا من البيت، وبعد مغادرتهم تتلقفها النيران أو سلال المهملات، فلا اقرأ المزيد
دول الدنيا تحتفي بالحيوانات وتجعلها شعارا لها، فالديك في فرنسا والثور في إسبانيا، الفيل والحمار شعاران للحزبين الجمهوري والديمقراطي في أمريكا، وهناك العديد من الحيوانات التي تتخذ رموزا وشعارات للتعبير عن إرادة المجتمعات. فلماذا لا نتخذ من البعير رمزا وشعارا؟!! البعير صانع الحضارات وسفينة التواصل بين الشعوب على مدى التأريخ، حتى ابتكار وسائل النقل الحديثة في بداية القرن العشرين، ولا يزال أفضل وسائل النقل والتواصل في الصحارى، اقرأ المزيد
في هاتفي أرقام لأصدقاء أعزاء لم أتصل بهم منذ سنوات، أسماؤهم تثير في نفسي موجة حنين دافئة، لكنها لا تحركني لرفع السماعة، كأن هناك اتفاقاً صامتاً بيننا، أن نبقى أصدقاء في الذاكرة، بعيداً عن تعقيدات الحاضر وتحولاته، وأن نحفظ بعضنا في تلك اللحظة الجميلة من الزمن، قبل أن تغيرنا الحياة! هناك صداقات تزدهر في الغياب أكثر مما تزدهر في الحضور، تعيش في مساحة الحنين الآمنة، حيث لا خيبات أمل جديدة، ولا اكتشافات مؤلمة، ولا تغيرات تفسد الصورة المثالية، نحبهم كما كانوا، أو ربما كما نتذكر أنهم كانوا، وهذا الحب المحفوظ اقرأ المزيد
قول كفعل!! من القوانين الفيزيائية المعروفة " لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه"، وفي واقعنا لا وجود له، لأن أقوى ردود أفعالنا أقوال وانفعالات وتنديدات واحتجاجات وهتافات وتظاهرات لا غير، ونكيل الاتهامات لبعضنا. مزايدات، مناشدات، بكائيات، لطميات، واتهامات!! أمتنا مشكلتها بقادتها، الذين ينساقون وراء العاطفة والمهاترات والشعارات الفارغة، وقد شخص ذلك الراحل (الحبيب بورقيبة) اقرأ المزيد
الذين يتصورون أن النفط هو أساس الاقتصاد في وهم كبير، فالدول القوية اقتصاديا ليست نفطية، النفط يتسبب بالفساد وتعطيل العقول وهدر قيمة الإنسان. المعضلة الكبرى أن أنظمة الحكم تفكيرها غير اقتصادي، ومنهجها الركض وراء سراب الشعارات الطوباوية الخالية من الطاقات الإيجابية الضرورية لتأمين حياة طيبة للمواطنين، وإشعارهم بوجودهم الوطني العزيز. ومن أركان الاقتصاد المهمة: أولا: الثروة الزراعية اقرأ المزيد



