الوسواس القهري أتعبني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أشكركم جزيل الشكر على ما تقدمونه من مساعدة للناس وبارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين وأشكركم جزيل الشكر على هذا الموقع فقد استفدت الكثير منه، أما الآن فأنا هنا لأشكي لكم ما أعاني منه من وسواس قهري، فوالله أنني تمر علي أيام أشعر فيها بألم في قلبي من ما أعانيه، وتمر علي أيام أشعر فيها بأنني مقيدة تماماً، وأرجو منكم أن لا تحيلوني إلى فتوى أخرى وأن تجيبوا علي بكل صدق
أنا فتاة في ال19 من عمري، تأتيني وساوس كثيرة وبعضها تكون قوية جداً متعلقة بالله وبالرسول وبالإسلام وبالصحابة، وأنني أخشى كثيراً التفكير بها بل حتى أخشى كتابتها، وفي بعض المرات أتجاهلها ولكنني أخشى إن التجاهل هذا لن يحل شيء، تأتيني وساوس في الذات الإلهية من إنكار لوجود الله - والعياذ بالله - وعندما أقرأ الآيات القرآنية في بعض المرآة يأتيني تفكير بخصوص كل آية وهذا التفكير يبدأ بأفكار عادية وبعدها يصبح أعمق وأعمق حتى أفكر بأشياء لا أريد الخوض فيها أو التفكير فيها، وتأتيني أيضاً وساوس عندما أقرأ الآيات القرآنية أشبه بأن تكون استهزاء، فمثلاً في الآية الكريمة ((ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون)) تأتيني وساوس تقول "لمَ الله اختار أن يقول ولقد نعلم؟" وهذا مجرد تشبيه لما يأتيني من وساوس لكنها تأتيني على هيئة استهزاء بكلام الله وأنا لا أريد أن أفكر بهذه الطريقة
وأيضاً عندما يصاب أحد بابتلاء أو ما شابه تأتيني أفكار تقول لمَ الله أصاب هذا الشخص بهذا الابتلاء الذي ليس له خلاص؟ وتبدأ الأفكار بمحاولة جعلي أسيء الظن بالله مع أني أعلم أن الله لا يريد لأحد من عباده الشر أو أي مكروه، أحياناً عندما أستغفر الله عن هذه الأفكار يأتيني تفكير أن الله لن يغفر لي وعندما أستغفر وأتوقف يأتيني تفكير أن هذا الاستغفار غير كافي وأنني يجب أن أستغفر الله أكثر حتى يغفر لي، فهل يجب الاستغفار بعدد معين لطلب المغفرة؟ أيضا عندما أقرأ أي شتيمة أو أي قذف فيأتي في رأسي أنني قد تلفظت على الله أو الرسول، وعندما أقرأ قذف فيأتي في رأسي السيدة عائشة رضي الله عنها وأنني قد قذفتها وتأتيني ألفاظ مخزية عنها أكره التفكير فيها، مع أنني لم أقصد أبدا
ولكن بعض الأحيان أشعر بأنني أنا من يستجلب هذه الأفكار وأنا من أفكر فيها عمداً، وأعلم أنه لا يجوز ولكنني لا أعرف كيف أوقف نفسي، حاولت أن أتجاهلها ولا ألتفت لها لكن بعض الأفكار التي تأتيني أشعر بأنني يجب أن أستغفر الله لها، وعندما أستغفر تبدأ تأتيني فكرة بعد فكرة حتى تكثر ويصبح من الصعب علي تجاهلها وأبدأ بالاستغفار عنها واحدة تلو الأخرى، وأشعر بأنني لا أريد أن أستغفر بسبب وسواس بل أريد أن أستغفر بشكل عام لكي يغفر الله لي، وأيضاً أحيانا يأتيني تفكير عميق عن كيف الله يكتب أمور الحياة؟ أعني عندما يحدث شيء ما لفلان وهذا الشيء حرام إنه فعله أقول لنفسي "اليس مافعله حرام؟ لمَ الله كتب له أن يفعل هكذا؟" وعندما أرى الناس تقتل أقول في نفسي "أليس القتل حرام؟ لمَ كتب الله على هذا الشخص أن يكون قاتل إذاً؟" وعندما تأتيني أستمر بالاستغفار وأخبر نفسي بأنني لا أعرف كيف كتب الله الأمور على عباده وليس لي دخل ولكنها تستمر بالمجيء إلي
وأيضاً عندما أذكر الله أو أقول ما شاء الله وهكذا، يأتيني تفكير بأنني وضعت اسم الله جل وعلى تحت قدمي أنني اضغط عليه وعندما يأتيني هذا التفكير فإنني أستمر بالاستغفار، وأحيانا أكون أفكر في شخص ولكن عندما أقول لا إله إلا الله يأتيني هذا الشخص في منتصف التشهد وتأتيني أفكار شركية لهذا الشخص أخشى كتابتها وأنني قد أشركت بالله مع أنني لا أريد التفكير بهذه الطريقة أبدا ولا أريد أن أشرك بالله ابدا
وأيضاً أصبحت تأتيني أفكار فيها انعدام ثقة لله تعالى، مع أنني دائما أحرض على أن أكون واثقة بالله تمام الثقة، عندما أدعوه شيء وأكون وأخبر نفسي أنني واثقة فيه يأتيني شعور مع أفكار غريبة تحاول منعي من الثقة بالله وعلى الرغم من أنني واثقه بالله إلا أنني أشعر بأني لا أستشعر هذه الثقة مع أنني لم أكن هكذا في السابق
أصبحت دائما أخاف أن يخسف الله بي الأرض ولا أستطيع أن أرتاح من هذه الأفكار دائماً أتوقع أن الأرض ستنخسف من تحتي أصبحت تأتيني أفكار لا ترضي الله ولا رسوله أفكار جداً قذرة سواء عن الله أو الرسول أو الناس وأحاول جاهدة أن أتخلص منها لكن لا أعرف ماذا أفعل با الضبط وأخشى أنني لو تجاهلتها بلا استغفار أن الله لن يغفر لي وسيكتب علي ذنب
أحيانا يأتيني شعور أن هذه الوساوس نابعة من قلبي وهذا يجعلني أخاف أكثر وأكثر إنني قد عصيت الله أو كفرت أو ماشابه ولقد كرهت حياتي وأشعر بأنني غير طبيعية أبدا، وعندما أنظر للأشخاص الآخرين أحسدهم على حياتهم الهادئة بدون تفكير، فقد اشتقت لنفسي السابقه فقد كنت أقوى إيمانا بالله وكانت ثقتي بالله كبيرة جدا أتمنى بأنها مازالت كبيرة فبعد ما أتاني هذا الوسواس وأنا أخشى أنني أكون أقول شيئاً وأنا لا أشعر به فأرجوكم دلوني ماذا أفعل أريد أن أعود قراءة الأحاديث النبوية بدون أفكار تكذيب وأريد قراءة القرآن بدون هذه الأفكار، وأنني أريد أن أكف عن الاستغفار بسبب الوساوس أريد فقط أن أستغفر بشكل عام وليس بسبب الوسوسة
أرجوكم ساعدوني
فأنا أخشى أن أكون وقعت بالكفر أو الشرك
17/10/2018
رد المستشار
الابنة الفاضلة "Nadya" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واختيارك خدمة استشارات مجانين بالموقع.
أسهبت وصدقت في وصف كثير من حيل الوسواس وألاعيبه بنفوس المرضى .... عندك وساوس العقيدة هي المحور الرئيسي وهي من أصعب الوساوس على الإنسان المتدين وأكثرها سرية فقلما يبوح المريض بها وإنما يضطر إلى أفعال التحييد والأفعال القهرية ويبقى الوساوس العقدية سرا بينه وبين ربه، رغم أن هذا النوع من الوساوس هو من أيسرها علاجا إذا وصل للمعالح.
الخطأ في محاولتك علاج نفسك يكمن في عدة نقاط:
1- التحاشي : كما يظهر جليا في قولك عن وساوسك العقدية التشكيكية أو الكفرية (إنني أخشى كثيراً التفكير بها بل حتى أخشى كتابتها....) ولا أظن التحاشي مقتصرا على هذا فأنت بشكل عام تلجئين لتجنب (تحاشي) كل ما من شأنه أن يستثير تلك الوساوس ... وربما يفيدك هذا على المدى اللحظي في تقليل الوساوس لكنه يقويها ويعزز رعبك الشديد منها بما يجعلها تدوم وتتكاثر !
2- الاستغفار : أو بالأحرى الاستغفار القهري فأنت تلجئين للاستغفار كنوع من التحييد لفكرة أنك تشكين أو تستنكرين أو تسبين ...إلخ .. هذا في حال كونك متأكدة من أن الوسواس هو صاحبها وليس أنت ... أو تلجئين للاستغفار من تلك الأفكار حال كونك تشكين أنها من نفسك (ويصبح من الصعب علي تجاهلها وأبدأ بالاستغفار عنها واحدة تلو الأخرى)... في الحالين استغفارك خطأ كبير لأنه يعزز الوساوس وييسر استمرارها.... ولما كنت في كل الأحوال مريضة وسواس غير مسؤولة عن محتوى وساوسها ... فإن الاستغفار من ذنب لم تقترفيه ليس مطلوبا شرعا ... وعواقبه في حالة الموسوس سيئة وانظري ما قلته أنت :
أ- (أحياناً عندما أستغفر الله عن هذه الأفكار يأتيني تفكير أن الله لن يغفر لي) .. فهنا يحاول الوسواس إلقاء اليأس في قلبك وكلما أسرفت في الاستغفار أعطيته الفرصة ليأتيك بعد حين فيوسوس بما هو أفظع ثم تأتيك فكرة هل ينفع الاستغفار ؟
ب- (وعندما أستغفر وأتوقف يأتيني تفكير أن هذا الاستغفار غير كافي وأنني يجب أن أستغفر الله أكثر حتى يغفر لي،) إن لم يكن هكذا الاستغفار القهري فكيف يكون ؟ وانظري بعدها التساؤل الوسواسي :
ج- (فهل يجب الاستغفار بعدد معين لطلب المغفرة؟) هذا السؤال نادر الورود على الخاطر لا يأتي عادة إلا من موسوس !
لكن ما أجملك وأنت تقولين (وإنني أريد أن أكف عن الاستغفار بسبب الوساوس أريد فقط أن أستغفر بشكل عام وليس بسبب الوسوسة) ..... وأيضًا (أشعر بأنني لا أريد أن أستغفر بسبب وسواس بل أريد أن أستغفر بشكل عام لكي يغفر الله لي)
إذن فما أنصح به مرضاي هو : استغفر كل يوم 100 مرة وإن شئت 100 في الصباح و100 قبل النوم ... لكن احذر الاستغفار استجابة لأي شكل من أشكال الوسواس وإلا فقد أتيت الفعل القهري وبينت للوسواس قلة فطنتك وقلة معرفتك به وهو ما يعني بالنسبة للوسواس ضعفا فيك يشجعه أكثر فأكثر.
واقرئي هنا:
وساوس كفرية : احذري الاستغفار القهري
التوبة للمذنبين والاستغفار القهري للموسوسين
3- التجاهل المنقوص: عدم إحسان التجاهل بسبب عدم الفهم وهو ما ينعكس في عبارتك (وفي بعض المرات أتجاهلها ولكنني أخشى أن التجاهل هذا لن يحل شيء)... إذا مارست التجاهل فمعنى ذلك هو أنك تمارسين التجاهل لتتدربي عليه أي ليصير عادتك ... وسوف يقلل على المدى الطويل نوعا من ورود الوسواس عليك إلا في حالات الضعف النفسي بشكل عام ... لكن التجاهل المفيد بشكل عام هو الاستجابة التي يجب أن نتعلمها ونمارسها ويفضل أن نتوقع زيادة من الوسواس في الفترات الأولى من التدرب على التجاهل... فلا نهتم به أي بالوسواس وإنما بمدى ما نحقق من نجاح في التدرب على التجاهل، وأما إذا ظننت أن التجاهل سوف يوقف الوسواس سريعا فلن تتمكني من التجاهل.... لأنك سرعان ما تحبطين نفسك بهذا الفهم الخاطئ.
4- الاهتمام بالتساؤلات الغيبية العارضة: عندما يعرض لك أمر تبدئين في التفكير حول ما يتعلق به من غيبيات سواء كان حدثا حياتيا أو آية أو لفظة قرآنية أو غير ذلك مما يستدعي تساؤلات غيبية يحدث هنا أنك لا تتفهين الفكرة كما يجب وإنما يغريك الوسواس بالخوض معها وها أنت تقولين : (وهذا التفكير يبدأ بأفكار عادية وبعدها يصبح أعمق وأعمق حتى أفكر بأشياء لا أريد الخوض فيها أو التفكير فيها) ... إذا كنت يا "Nadya" توسوسين منذ مدة لعلها تزيد على العام -كما أخمن- فقد عرفت أن الأسئلة الغيبية أو التي تحمل اعتراضا ضمنيا لما نراه أحيانا تنافرا معرفيا بين الأحداث أو الأفكار وبين ما نؤمن به من أمور غيبية عن الله عز وجل .... عرفت مرارا تكرارا أنها لا تقود إلى شيء .. إلا إلى مزيد من الألم والأفخاخ الوسواسية الجديدة. (مثلا يكفي أنك فكرت كذا .... أتظنين الله يغفر كذا ؟...إلخ..) بمعنى آخر تعرفين أنها دائما صارت مزالق وسوسة عقدية مؤلمة تقعين فيها وتندمين عليها وتستغفرين .... ورغم ذلك ما زلت عن عدم الخوض وراء الوسوسة الأولى تعجزين؟
السر في ذلك هو الأهمية المفرطة التي تولينها لتلك الأفكار والتساؤلات الوسواسية حين تقتحم وعيك فتشعرين أو يشعرك الوسواس بأهمية الفكرة وأهمية البناء عليها .... خاصة وأنها تمس أمورا عقدية ... عليك أن تفكري وتفكري ... ثم يكون ما تعرفين....
والحل العلاجي هو التدرب على الإهمال والإهمال أو التجاهل هنا يعتمد على مقدرتك على تتفيه الفكرة القائلة بأهمية هذا السؤال ... بدْءًا من أهمية محتواه فهي وسوسة إذ يجب غض النظر عن محتواه مهما يكون لأنه وسواس وكذلك يجب التعامل بإنسانية مع فكرة الإيمان المثالي الذي لا يجب أن تشوبه يوما شائبة ومدى واقعيته بالأساس بين البشر وبشكل خاص في الزمان الذي نعيش فيه.... إلى غير ذلك من أساليب تتفيه الفكرة الوسواسية .... هذه المهارة أيضًا يجب اكتسابها يا ابنتي.
ورغم طلبك ألا نفعل فإن إحالتك إلى سلسلة استشارات الوساوس الكفرية والكفرجنسية لابد منها للرد على بعض أسئلتك، ولتعرفي ما يفيدك عن حيل الوسواس القهري.
أنصحك بأن تفاتحي الأهل في حاجتك للعلاج النفساني ... لأن تنفيذ ما طلبته منك أعلاه وحدك لن يكون سهلا ... وسيكون مفيدا لك في مرحلة العلاج الأولى أن تتداوي بأي من عقاقير الم.س (معززات السيروتونين) في جرعة صغيرة دعما للمرحلة الأولى من الع.س.م للوسواس القهري.
وأخيرا أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.
ويتبع>>>>>>: الوسواس القهري: عيوب العلاج الذاتي! م