رجيم أو لا رجيم ... هذا هو السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الأعزاء.. بارك الله لكم وجزاكم خيرا على جهودكم المضنية في العمل على حل مشاكل الشباب بأسلوب عملي في إطار شريعتنا السمحة
وبعد ...
تابعت باهتمام ردكم على استشارة عن إنقاص الوزن بعنوان لا الزواج ولا الحمل : بل الريجيم المتكرر واقتنعت تماما بما ذكرتموه من عدم جدوى الرجيم وذلك بناءا على تجربة شخصية لي حيث حاولت مرتين اتباع نظام غذائي صارم ونجحت في إنقاص وزني بمعدل 15 كجم في 3 شهور في المحاولة الأولى و12 كجم في نفس المدة في المحاولة الثانية.. ولكن كما ذكرتم يعود وزني كما كان بعد فترة وجيزة من التوقف
وبعد عدة أيام من نشر الاستشارة السابقة وجدت على الموقع استشارة أخرى فيها نصائح لتخسيس منطقة الأرداف.. فقرأتها لأن زوجتي تعاني من هذه المشكلة ومن خلالها وصلت إلى رد على استشارة عن تنظيم الغذاء والرياضة.. بهدف إنقاص الوزن وذلك باتباع نظام غذائي يعتمد على نوعيات وكميات محددة من الطعام.. فشعرت بأنها تناقض ما قررتموه في الاستشارة لا الزواج ولا الحمل: بل الرجيم المتكررة
وتعجبت من ذلك...
فإن كان هناك تناقض فكيف يكون ذلك من خلال موقع واحد يجب أن يتبنى وجهة نظر واحدة أو على الأقل لا يجب أن يكون هناك تناقض في نفس الموضوع... فمن نصدق الآن؟!! رجيم أو لا رجيم؟؟؟
وإن كنت أنا المخطئ في الفهم فأرجو التوضيح
وجزاكم الله خير الجزاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم: وليد عرفة
16/5/2019
رد المستشار
الأخ الفاضل، أهلا بك، وشكرا على مشاركتك المحفزة، الكلام الذي قرأته يا أخي على صفحتنا استشارات مجانين لم يأت من فراغ، وهذا ما كنت ستعرفه لو أنك كنت متابعا لصفحتنا منذ نشأتها سنة 2003، أي من أيام نشر ما الرجيم إلا أسطورة كبيرة حل بديل
الرجيم أكذوبة والتثبيت أسطورة ، ثم :
مع نفسك مع الدكتور عواقب الرجيم سوداء
الرجيم فاشل ومفيش فايدة هتتخنوا
البدانة من الصغر ... من 2003 مجانين يصيح ثم :
من قال إنها إرادة؟ إنه الجسد صنع الله
بدانة مفرطة أم حمية متكررة
كما أنصحك بقراءة الموضوعات المتعددة ضمن ملف البدانة والنحافة
فهناك على الموقع وغير ما أحلناك إليه من روابط إجابةٌ على كثير من تساؤلاتك التي لم تصرح بها، ووقفت حائرا أمام تناقض رأيته بين آراء مختلف المستشارين
وأقول لك بعد هذا كله ما يلي : كنت شخصيا قبل عام 2003 لا أعرف شيئا مما أقوله لك اليوم عن الحمية المنحفة (الريجيم) وعن كونه أكذوبة كبيرة، وكنت أقف أمام متأرجحي الوزن وأنا منهم لائما نفسي ومتهما إياها بالتقصير، وكان من الممكن لو سألتني أيامها عن كيفية إنقاص الوزن أن أقول لك كلاما لا يختلف كثيرا عما رأيته وتراه على صفحة الاستشارات الصحية، وإن كان المجيبون على تلك الصفحة في الإجابات التي أشرت أنت إليها في سؤالك أطباء من تخصصات أخرى ربما يكونُ التنحيف أحدها!! وهم أكثر علما مني بموضوع كل كذا ولا تأكل كذا، وهم مسؤولون عن كلامهم، ويتبعون فيه مراجع طبية ويجربونه مع مرضاهم، بل ويرون نتائج طيبة!!
وكل ما تراه الآن على الموقع من كلام هو كلام جديد يصدر عن أناس عرفوا فقرروا أن يقولوا الحقيقة كما يلمسها الناس، ومحاولين تفسيرها قدر استطاعتهم، ومتعاملين مع من يطلب منهم المشورة سواء من خلال الإنترنت أو أي طريقة أخرى على أساس أن علاقة الطبيب المسلم بمريضه تختلف عن علاقة الطبيب بالمريض كما تدرس في بعض كليات الطب عندنا (وليس كلها) -وهي طبعا ترجمة أمينة لعلاقة الطبيب الغربي بمريضه، كما تختلف علاقة الطبيب المسلم بمريضه عن نوع العلاقة التي تشيع الآن في معظم البلدان العربية وهي علاقة تكتسب بالفهلوة!، أي أن كل طبيب يتعلمها بنفسه، وكثيرا ما تتسم أيضًا بالفهلوة في التعامل، فالطبيب يريد نتائج سريعة لأنها تعطيه زبائن أكثر، والمريض كذلك يريد نتائج سريعة لأن ضغط الواقع المشوه أكبر من أن يواجهه المريض وهو لا يدري أن النموذج الغربي للجسد الجميل كذاب أشر!، وأن الثقافة التي لا تسمح بالاختلاف الطبيعي في صور أجساد البشر رجالا ونساء هي ثقافة مشوهة ومغرر بها، ولكن كيف يواجه المساكين أراء وتعليقات وانتقادات واتهامات الآخرين! المهم هو ألا نبتعد عن علاقة الطبيب المسلم بمريضه وكيف يجب أن تكون؟
فـأنا لا أدري إن كان كل طبيب مسلم يستشعر وهو مع مريضه أنه سيحاسب أمام الله سبحانه عن ما يقول لمريضه أم لا؟ ولا أدري كم من الأطباء يحسب أنه تنتهي مسئوليته أمام الله عن المريض، عند انتهاء علاقة المريض به؟ وكم منهم لا يدرك أن تأثير كلمات أو أفعال أو وصفات الطبيب على حياة وجسد مريضه إذا كان لها تأثير هي أيضًا داخلة في الحساب أمام الله؟ لأنه عند توجيه المريض أو المشتكي من بدانته لغير التريض سبيلا للتعامل مع المشكلة فإن العواقب على الجسد وخيمة وإن كانت أحيانا آجلة!
إن ما قلناه يا أخي الفاضل هو أن العبرة بالمتابعة الطويلة الأمد، وأن الجسد ليس لعبة في يد صاحبه، وأن أجسادنا خلقت بيولوجيا لتأخذ صورة محددة، وأن أجسادنا تنتصر في نهاية المطاف لتأخذ صورتها الأصلية أو غالبا الأسوأ بسبب الحميات المتكررة،
وموقفنا الذي اتخذناه من فكرة تقسيم الطعام إلى جيد وسيء، بمعنى عالي السعرات ومنخفضها، أو متهم بتسبيب تراكم الدهون في الجسد مقابل مبرأٍ من تلك التهمة الخطيرة (خاصة في أيامنا هذه)، إنما استنتجناه أولا من حقيقة الدراسات التي أكدت أنه كلما كان الغذاء أقرب إلى صورته التي خلقه الله عليها كلما كان أقدر على إحداث الشعور بالشبع، وأن الأغذية المخفضة السعرات أكذوبة أخرى ضمن منظومة أكاذيب وأساطير الريجيم، إضافة إلى استنادنا (اجتهادا) إلى قول سيد الخلق عليه الصلاة والسلام: "نعم الأدم الخل" صدق صلى الله عليه وسلم، ولكون الرضا بالموجود من الطعام أحد فروض الأكل الأربعة في الإسلام، وبينما نعرف أن متبعي الحمية المنحفة كثيرا ما يقعون ضحايا لنوبات الدقر (الأكل الشره) فقد كان الاقتداء بسيد الخلق عليه الصلاة والسلام طريقنا الذي رأينا أن نسير فيه، فجاء كلامنا مختلفا بعض الشيء عن المعهود، فبينما يستند أطباء التنحيف إلى المراجع الغربية في ابتداع أساليب للتنحيف، كان مصدرنا هو كتاب الأكل لأبي حامد الغزالي (ضمن إحياء علوم الدين)، وقد قرأناه بداية ونحن لا ندري بأن فيه ما قد يصلح للمرضى فإذا بنا نفاجأ أن به من سلوك محمد عليه الصلاة والسلام ما يصلح لبناء برنامج علاجي معرفي سلوكي للتعامل مع مشكلة البدانة،
وهذا البرنامج الآن في مرحلة التجريب على أعداد كبيرة من الناس لم يزل، حيث نقوم بتصحيح مفاهيمهم عن قيمة سلوك الأكل في الإسلام أي نصحح خلفياتهم المعرفية التي أفسدتها ثقافة التيك أواي، ثم نقوم بعد ذلك بتدريبهم على الأكل بطريقة مستمدة من السنة النبوية، يستطيع من يتبعها ويدرب نفسه عليها أن يعرف بحق كيف يتمثل قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع" أي أنهم مقتصدون، وهذا المعنى صحيح لكن السند فيه ضعيف، [يراجع في زاد المعاد والبداية لابن كثير]، أو حديث المقداد ابن معد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن لم يفعل فثلث طعام وثلث شراب وثلث للنفس" صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم، رواهُ الترمذي والنسائي وابن ماجه.
فهذان الحديثان المشهوران لدى الجميع إنما يشيران إلى قدرةٍ غير موجودةٍ في السواد الأعظم من الناس في أيامنا هذه خاصةً في أصحاب المشكلات مع الوزن وصورة الجسد، والاكتفاء بهذين الحديثين وكأنهما يمثلان سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الأكل يسببُ مشكلةً كبيرةً لهؤلاء لأنهم في الحقيقة أعجز ما يكونون عن اتباع أي منهما، لماذا؟ لأن الفرد الذي يستطيع تطبيق هذا الهدي النبوي هو فردٌ يختلف تماما عن معظمنا وخاصةً من لديهم مشكلة مع الأكل أو صورة الجسد كما ذكرت، فأهم شروط القدرة على اتباع هذين الحديثين هو أن يكونَ الفرد على وفاقٍ مع جسده ومع طعامه، وكل من اتبع الحمية المنحفة (سواءً الفاشلة أو الناجحة حتى الآن، والفاشلة بكل تأكيد ولو بعد حين) كل هؤلاء متخاصمون مع أجسادهم ومأكولهم ومع أنفسهم أيضًا، وأعتقد أننا بهذا قد أجبنا على تساؤلك، ولعلك تجد البقية في ما أحلناك إليه من روابط.
كما أننا نود توضيح نقطة مهمة هي أن رأي كل من يكتب على مجانين إنما يمثل رأيه الشخصي واجتهاده وكلنا محاسب أمام المولى عز وجل، وأهلا وسهلا بك دائما وشكرا على مشاركتك.