مساء الخير موقع مجانين:
ترددت في أن أُرْسِل هذه الرسالة لأعرض مشكلتي، ولكن ما من حل أمامي غيرها. تعرَّفت على صديقة في الصف الثاني الإعدادي من أفضل الصدِّيقات وأكثرهم احترامًا، وهي في نفس المستوى العقلي والأسري، وغيرها من الصفات المُتَمَاثِلَة.
وعلمت أنَّ لها أَخَوَان أكبر منها سنًّا في أفضل الجامعات (هندسة وطب)، وعلمت أن أخوها الأكبر (كلية طب) يحب إنسانة معه في الجامعة وسوف يرتبط بها في المستقبل، ولم يهمني الأمر، ولكن لاحظت أنه من الأشخاص الذين طالما رسمتهم في خيالي وطالما كنت واثقة من عدم وجودهم، إنسان طيب، محترم، متفوق، صادق... طالما تذَّكرت كلام صديقتي عنه وتمنَّيتُ أن أراه لمجرد الرؤية، وحدث ورأيته، وكان طِبْقًا لِمَا رسمته في خيالى... بدأت صورته تتكوَّن بخيالي دون أن أُفَكِّر به، وكان إعجابًا كُلِّيًا... ثم انفصل تمامًا عَمَّن كان يحبها دون أسباب واضحة.
هو يكبرني في العمر بسبعة أعوام... استمر إعجابي به وتأثَّرت بحالته كثيرًا عندما عَلِمْتُ بحُبِّه الصادق الذى بات مُتَبَخِّرًا في الهواء، وبكيت يومًا على ذلك الحب الطاهر... ثم استمر فترة تَقْرُب من سنة مَصْدُومًا لما حدث له.
ثم رآني في مرات عديدة مع أخته، وكان يلاحظ إعجابي به، وهو أيضًا بدأ يبادلني ذلك الإعجاب... وتطور الموقف بهدوء شديد كاد يقتلني، ولكن بعد أحداث عديدة ونقاشاته مع أخته عنِّي ونقاشاتي عنه مع أخته بدأ يطلب منها أن تُصَرِّح لي عن إعجابه بي، وأنا أيضًا طلبت ذلك... ثم كانت وسيلة الاتصال فقط رسائل مكتوبة على موبايل صديقتي، ولم أتكلم معه قط وذلك نظرًا لأنني من أسرة محافظة تلتزم بالعادات والتقاليد الموروثة.
قضينا فترة طويلة من تبادل المُدَوَّنات، كانت تحتوي على توجيهات ونصائح، وتعلمت كتابة الشعر دون أن ألاحظ مهارتي فى كتابته، وهو أيضًا كان يكتب شعرًا وموهوبًا بالغناء فسجَّل لي أغنية من شعره، وكانت تصف ما مرَّ بة من تطورات عندما لعب القدر لعبته معنا.
ولكن بعد مدة، بعدما أحببته حُبًّا جَمًّا لم أبادل أحدًا به أبدًا صارحته بشعورى بأنه خائف من شيء ما حيث كان عندما ينظر لي كانت نظرته خائفة، فصارحني بأنه خائف من أن يُصْدَم مرة أخرى وأنة خائف أن يكون حبي حب مراهقة، وأن الفرق بيننا في السن كبير، وغيرها من الأسباب التي لم أقتنع بها أبدًا، وذلك لأني أرى أن الفرق ليس كبيرًا وأنِّي حقًّا أحبه بدليل استمرارى فى حبه رغم محاولة الكثيرين التقرب منى، وأيضًا أنه كان بإمكاني أن أحب أخيه الأصغر منه والأقرب لي في السن، والذى يتمتع بنفس الصفات، وغيرها من الأسباب الكثيرة.
ثم أنهى المُدَوَّنة برغبته في أن يترك النصيب لله، وأن يقطع الاتصال خوفًا من أن يضيع حبه مرة أخرى... صُدِمْت صدمة كبيرة ليس اعتراضًا على أن الله كاتب الأقدار، ولكن على أني أحبه حقًّا، وهو لم يحبني... وسألته: لماذا كنت تبادلني الحب؟.. جاوبني بأنه أحب حبي له وإعجابي به.
مَضَت الآن أشهر على ذلك، وأنا ما زلت أريد أن أراه، ما زلت أريد أن أكتب إليه،
ولكن لا أعرف ما الحل.
2/3/2021
رد المستشار
ابنتي العزيزة، أولًا أُحيِّيكِ على شجاعتك لطلب المساعدة ولثقتك بنا.
أما بعد... التجربة التي خضتها تكاد تعتبر طبيعية في مثل عمرك فأنت لازلتِ في سن المراهقة، وهو ما يعتبر بوابة الفتاة للدخول إلى دنيا الحب والتعرف عليها، ومهما كانت المجتمعات محافظة أو مُتَحَرِّرَة يبقى أكثر الأحلام التي تُدَغْدِغ عقل الفتاة في هذه الفترة هي حلم الوقوع في الحب والعيش في عالم الحب والغرام... والفتيات في هذه المرحلة لديهن مفهوم مختلف للحب، وهو يختلف كثيرًا عن معنى الحب في مراحل النضج في العمر ما بعد المراهقة، وكذلك ما تريده الفتاه المراهقة من الحب يختلف كثيرًا عَمَّا تريده الأنثى الناضجة من الوقوع في الحب، وهذا ما حدث معك عزيزتي، فمع كل هذه التغيرات والدَّفْعَات الهرمونية التي تَمُرِّين بها حدث ما اعتقدتِ أنه الحب... بسبب هذا الاندفاع في المشاعر فإن الحبّ من طرف واحد من بين أبرز المشاكل التي يمرُّ بها المراهقون وخصوصًا الفتيات، ففي هذا العمر لا يقدر المراهق أن يتحكّم بمشاعره، وهو يفقد السيطرة تماماً عليها مِمَّا يجعله ضحية الوقوع في حبِّ شخص لا يبادله نفس المشاعر.
الآن ما ذكرته سابقًا كان للإيضاح فقط وليس للتقليل مِمَّا تشعرين به أو إلغائه، قد تكونين تشعرين بالإحباط، ولكنك لست وحدك، ويمُرُّ الأغلبية مِمَّن هم في عمرك بانفصال عن شخص يحبه في مرحلة ما، ويتوَجَّب على الكثيرين إِثْرَ ذلك التعامل مع الحسرة (موجة من الحزن والغضب والارتباك وتدَنِّي احترام الذات، وربما حتَّى الغيرة في آنٍ واحد)، وقد يكون هذا ما تمرين به وما قرأته ما بين السطور.
ولن أدخل معكِ في نقاش حول ما إذا كان حبًّا حقيقيًّا أم لا، ولكن إحساسك وأحلامك كانت حقيقية بالنسبة لكِ، وكذلك هو أَلَمُك، وسواء كان ذلك فقدانًا لشيء حقيقي أو فقدان شيء كنت تتمنينه فقط فلا يزال الألم حقيقي، وفي قلبك شعور بالثقل والفراغ والحزن.
الآن نحن في وضع لا بُدَّ أن نحلله بالعقل لا بالمشاعر، وخطوة خطوة... ما حدث وكيف يمكنك التعامل مع ما تشعرين به.
السلبيات:
1. انسحاب من تُحِبِّين من العلاقة.
2. شعورك بالخسارة والفقد.
الإيجابيات:
1. كنت محظوظة أن مشاعرك توجَّهت لشاب ذو أخلاق وصادق وواضح، وإلَّا كانت النتائج وخيمة... فلتحمدي الله على هذا.
2. اكتسبتِ مهارات الشعر والكتابة، فَمِن رَحِمِ المعاناة يُولَد الإبداع، فلربما كانت هذه العلاقة سبب.
3. مع كل تجربة نَمُرُّ بها أو تمر بنا نكتسب خبرات تساعد على نضجنا وكأنها دورات مجانية ولكن صعبة قليلًا
4. لازال عالمك كما هو، لازال أهلك، صديقتك، دراستك، وكل شيء بانتظارك لتنطلقي ولتبدئي.
أينما سألتِ واستشرتِ سيخبرك معظم الناس أنكِ سوف تتجاوزين الأمر وتنسين، أو ستقابلين شخصًا آخر وتحبينه ويحبك كما تستحقين، ولكن نحن في هذه اللحظة، وأنت لازلت تحت وطأة هذا الشعور الثقيل، ولربما تشعرين أنه لم يشعر أي شخص آخر في العالم بنفس الطريقة.
لن تكون هناك لمسة سحرية ترفع عنك هذا الشعور، وهو ضروري، بعض الألم ضرورة، ولكن هناك أشياء يمكنك القيام بها لتقليل الألم واختصار مدته.
فيما يلي بعض النصائح التي قد تساعد:
• أخرجي أحاسيسك وعبِّرِي عنها كأن تكتبيها مثلًا، واستَغِلِّي موهبتك الجديدة للتَّنْفِيس عن مشاعرك كأن تكتبي مذكرات يومية.
• شاركي مشاعرك مع شخص تثقين به (صديقة أو أخت) وتعرف ما تمرين به.
• استشعري أهميتك وقدرك وتذكري، وذكِّرِي نفسك دائمًا أن شخصًا يتجاهل مشاعرك لا يستحق عَنَاء الحزن لأجله.
• استغلي هذه الفترة وتعلَّمي مهارة جديدة، واسعي لإتقانها.
• قلِّلي من تواجدك وحيدة، واشتركي مع عائلتك في نشاطاتهم اليومية.
• تقرَّبِي من الله، وادعيه بكل صدق أن يمسح على قلبك ويُعَوِّضَك خيرًا، وثقي أنه سيفعل في الوقت المناسب.