لا يُذكَر
السلام عليكم ورحمة الله. أنا جَدُّ مُتَرَدِّدة لطلب الاستشارة لأني خائفة جدًّا أن يكون هذا غير وسواس، فأنا أعاني من وسواس الشذوذ على حسب ما قرأت من أعراضه، فكلها تقريبًا مُنطَبِقَة عليَّ، إلَّا أنه يأتيني شك فيها.
منذ 8 شهور أُصِبت به بعد شفائي بفترة قصيرة من وسواس الموت الذي دام 7 أشهر بعد أَخْدِي عقارات طبية، فبعد أن كنت جالسة أَتَتْنِي فكرة "لماذا لم أَعُد أَرْتَبِطُ بالشباب وأدخل علاقات رغم أنِّي أُعْجَب بهم وأحبهم، إلَّا أنِّي أرفض فكرة الارتباط؟!" فكنت دائمًا أقول "سأصُون نفسي إلى أن أتزَوَّج لأنَّه لا فائدة من دخول علاقات غير شرعية". المهم فاجأتني هذه الفكرة "أيُعْقَل أنك مِثْلِيَّة أو أصبحت كذلك لأنك لم تَعُودِي تُحِبِّين الارتباط؟!". فَزِعت كثيرًا وخِفْتُ، وكل مشاعر الرعب انتابتني أقسم بالله. 3 شهور كلها رعب وتفكير واكتئاب، حتى أنِّي لم أعد آكل.
بدأت في البحث على الإنترنت فوجدت أن هناك وسواس الشذوذ، فبدأت أرتاح، إلَّا أنِّي كنت أمارس العادة السرية وأشاهد مشاهد إباحية غَيْرِيَّة ومِثْلِيَّة، لكن أقسم بالله ما كنت أتخيل نفسي أني أمارس مع فتاة أو شيء، ولم أُثار من فتاة في حياتي، فقط كنت أحب بعض الممارسات التي لا أجدها في مشاهد بين رجل وامرأة. أقسم بالله لم أتخيَّل قبل أنِّي في مثل ذلك الوضع، ودائمًا أتخيَّل كيف أكون مع زوجي بعد الزواج، وكل الأشياء والتخيُّلات الرومانسية والجسدية تأتيني مع الشاب الذي أتخَيَّلُه شريك حياتي، وكنت أُحِبُّ المسلسلات الرومانسية، ودائمًا ما أنْجَذِب إلى شخصية البطل وتصرُّفَاتِه.
لكن الآن الوضع مُخْتَلف، فقد صِرْتُ أخاف أن أتزَوَّج، وأقول أني سأَنْفُر من العلاقة الحميمة ولن يُعْجِبُني الأمر، وأنِّي لن أستطيع قبول شاب بسبب هذه الحالة، حتى أني لم أَعُد أشاهد الأفلام الرومانسية وتِتُّ لا أُحِبُّها وأخاف منها. هذا الموضوع نَغَّص حياتي. وأقول "هل بسبب أني كنت أشاهد تلك المشاهد مرَّات فقد صرت شاذة؟". أنا جَدُّ خائفة، رغم أنه وأنا مُصَابة بهذا الوسواس لا تأتيني أعراض جسدية عند رؤية فتاة مثيرة أو شيء، وأغار من بعض الفتيات في بعض الأحيان.
آسفة لأنَّنِي أطلت عليكم. أرجو الرد في أقرب وقت، فقد ابتعدت عن ممارسة العادة السِرَّية أو مشاهدة أي شيء إباحي _والحمد لله_، لكن هذا الوسواس أفْقَدَنِي الرغبة في الحياة، وأريد الاطمئنان هل أنا طبيعية ولست شاذة لأنه في مرَّات أقول "لم يَعُد يُربِكُني هذا الموضوع. أصبحت شاذة فعلًا" وأخاف أن أستيقظ وأنا مُعْتَرِفَة بهذه الفكرة.
لديَّ الكثير لأقوله، ولكن لا أريد الإطالة.
أرجو الرَّد قريبًا لأني في حالة لا يعلمها إلَّا الله، حتى أني لم أستَطِع التعبير بشكل صحيح.
7/4/2021
ثم أرسلت مرة أخرى تقول:
الخائفة أن تكون شاذة
آسفة على إزعاجكم مرة أخرى، لكن لم أَذْكُر كل شيء في الاستشارة السابقة. المهم كما قلت في الاستشارة السابقة بدأ معي الأمر منذ 8 شهور تقريبًا، ودامَ الرعب والخوف من هذا الموضوع 3 شهور، ثم تحسنت وارتحت وتخلَّصت تقريبًا منه ورجعت طبيعية، إلى أن سَمِعْت من صديقي أنه ممكن أن يكون الإنسان طبيعيًّا ثم يصبح مثليًّا كما وقع مع صديقه، فأُصِبْت بالرعب ورجعت لنقطة الصفر، وقلت "هل معقول أن أصبح كذلك (أي مِثْلِيَّة بعد أن كنت طبيعية تخاف من هذه الكلمة كثيرًا)؟"، فازدادت حالتي سوءً، إلَّا أن القلق خَفَّ عن المرة الأولى التي أُصِبْت فيها.
أصبحت كلما رأيت فتاة أقول عليها أنَّها جميلة فأُصاب بالرُّعب، وأقول "أمعقول أنها أعجبتني؟"، فأُجِيب "لا لا، لم أُحِسُّ بشيز فقط إنَّها تبدو جميلة"، ثم أسأل من معي "هذه الفتاة جميلة، أليس كذلك؟ أنت كذلك وجدتيها جميلة؟"، وكَلَّما تكرَّر معي الأمر أسأل من معي لكي أرتاح، وتبقى سلسلة التساؤلات كثيرًا، فأسأل أقربائي وصديقاتي إذا كُنَّ يَشْعُرن كما أشعر كُلَّما أخاف من موضوع وأشُكُّ في نفسي.
مؤخرًا وفي بعض الأحيان أُحِسُّ أنَّنِي أصبحت شاذة، وأخاف كثيرًا من أنَّنِي تقَبَّلْتُ الأمر، وأرجع مرة تانية وأقول "لا، أنا لست كذلك، فأنا أنجذب للرجال، وأحدهم لَفَت انتباهي"، فأرتاح وأتَيَقَّن أنني حقا لست كذلك (أي أنَّني لست شاذة)، لكنني لم أتَخَلَّص من الوسواس، فكُلَّما تذكرت أنه يمكن أن أكون أصبحت شاذة _والعياذ بالله_ أو أصبحت كذلك بسبب أنِّي كنت أشاهد حتى بعض المشاهد بين فتاتين، مع أنِّي والله لم أكن أتخيل نفسي في حالة مثل كذلك _والله شاهد عليَّا_ لكنني لم أعرف لماذا كانت تُثِيرُنِي بعض الحركات في تلك المشاهد.
أنا جَدُّ خائفة أن أكون قد أصبحت شاذة. لا يتقَبَّل عقلي الأمر، ولا أريد أن أكون كذلك رغم أنه يُوَسْوس لي أنِّي أحب ذلك وأنَّه شيء جميل، لكني أُنكِر. تعبت، أقسم بالله أنِّي تَعِبْت من هذا الأمر، حتى أنه في بداية هذا الوسواس كنت أفكر بشتى الطرق كيف أنتحر، سامحني الله. أرجوكم أن تردُّوا عليَّ في أقرب وقت وأن تفهمونني لأني لم أعرف كيف أُعَبِّر، وكنت جَدُّ مُتَرَدِّدة في طَلَب الاستشارة خوفًا من أن يكون الموضوع صحيحًا وأن أكون فعلًا شاذة.
أريد أن أُوَضِّح أنه حتى ولو تأتيني هذه الأفكار، لكنها تذهب من حين إلى آخر، ولا يزال إعجابي بالشباب وأن أتعَرَّف عليهم وأَلْفِت نظرهم موجودًا، وأغار من البنات أحيانًا، إلَّا أنَّ تلك الافكار تسيطر عليَّا وتُدَمِّرُني، وأكثر فكرة تُدَمِّرنِي أنه لم تعد تأتيني خيالات رومانسية مع الشباب عكس ما كان يحدث قبل الوسواس، ولم أَعُد أتخَيَّل نفسي أنِّي سيكون لي زوج وأسرة، وكُلَّما مَرَّ الزواج أمامي أشعر بالحزن وأقول أنه لن أستطيع عيش حياة زوجية سعيدة وأحب زوجي، وأنَّه لن تعجبني العلاقة الحميمة وسأنفر منها، وأني لن أكون مرتاحة معه. أكره هذا الشعور أقسم بالله.
آسفة على الإطالة.
وأرجو الرد.
7/4/2021
رد المستشار
شكرًا على رسالتك.
السؤال الذي يطرح نفسه أولًا: هل هناك وسواس شذوذ؟ وإن وُجِد، فما هو؟
السؤال الثاني: ما هي رِوَاية وسواس الشذوذ الذي لا يَنْقَطِع ذكره على استشارات الموقع؟
الجواب على السؤال الأول هو أن هناك وسواس أو فكرة حِصَارِيَّة محتواها يتَعَلَّق بالشذوذ كثيرة الملاحظة في الوسواس القهري. هذه الفكرة تتناقض مع الذات، ويعتبرها المراجع تافهة، ولكنها تُسَبِّب له الانزعاج، ويحاول مقاومتها. لسخافة الفكرة تَرَى المراجع نادرًا ما يَتَطَرَّق إليها، وفي غالبية الأحوال هي مُجَرَّد عرض واحد من عدة أعراض. في بعض الثقافات تُهَيْمِن هذه الفكرة على بقية الأفكار بسبب عوامل اجتماعية ورَوْحِيَّة.
أنت آنسة مُعَرَّضة للقلق والاكتئاب وغير ذلك من الاضطرابات الوجدانية كما هو واضح من رسالتك، وربما هذا الوسواس الذي تتحدثين عنه امتداد لاضطرابك النفسي.
في نفس الوقت، ومع انتشار الإنترنت وكثرة الحديث عن الشذوذ الجنسي وهَلَع الناس منه في ثقافة محافظة هناك نموذج SCM: Socio-Socio-cognitive Model اجتماعي معرفي يفَسِّر كثرة الحديث عنه. هناك شخصيات تتأثر بحديث الساعة عن الشذوذ ووسواس الشذوذ. كذلك تتميز هذه الشخصيات المتأزمة باستعدادها لاقتباس حالة شخصية بعد أخرى كي تتعامل مع ضغوطها البيئية وأزماتها العصابية، وهي عمومًا أكثر قابليةً للإيحاء، وعُرْضَة لتصديقه من غيرها. ما يُسانِد هذا الرأي هو أن استشارتك لا تتحدث بتاتًا عن مرضك الأول وسيرتك الذاتية وكيف بدأ مرضك وتَمَّ علاجه. بعبارة أخرى هناك عملية تَفَارُقِيَّة تتعَلَّق بهَوِيَّة الإنسان، ويحاول من خلالها تفسير مشاكله وتجَنُّب عِصَابِه المزمن باقتباس اضطراب بعد آخر.
الرأي الشخصي هو أن الكثير من الاستشارات التي تَصِل الموقع حول وسواس الشذوذ هي من النوع الثاني. لا يَصْعُب تمييز النوع الأول بسبب وجود أعراض أخرى، وربما الكثير منهم يعاني من اضطرابات أخرى مثل الفصام واضطرابات الشخصية.
ما عليك أن تفعليه هو الانتباه إلى تحَدِّيات الحاضر وتجاوزها، ومراجعة الطبيب النفساني الذي يُشْرِف على علاجك، فهو الوحيد القادر على صياغة حالتك بصورة موضوعية.
وفقك الله.