السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي أنَّني أُعانِي من "التَّأْتَأَة" التي سبَّبتْ لي الوِحْدَة والألم، وأَضْعَفَت مشاركتي في المجتمع. والأكثر ألَمًا وحُزنًا وحَسْرةً أنْ أَرَى الفَصَاحَة في غيري ومَن أتعامل معهم.
فكَّرت كثيرًا في شُرْبِ الخمر، ولكن منَعَنِي عَنْهُ أنه حرام. وأكثر ما يُؤْلِمُنِي ويُحَسِّرُني أنِّي أَضَعْتُ فُرصًا لا حصر لها لمقابلة شباب وفتيات، ولو كنت أَمْتَلِكُ طَلاقَة وفصاحة اللسان لامتلكتُ تاريخًا حافلًا مع الفتيات، أقصد أنِّي كنت سأُصبِحُ ذَكيًّا اجتماعيًّا وعاطفيًّا، فأنا أَمْتَلِكُ لَبَاقَةً جيدة، وأعرف كيف أختار الكلمات والتَّعْبِيرات الأَبْلَغ تأثيرًا وتَناسُقًا، ولكن يوجد شيءٌ يُعِيقُ كلامي.
لعن الله التَّأْتَأَة، فأنا لا أعرف كيف سأتَكَلَّم مع زوجتي وأهل زوجتي.
أرجو نَصِيحَتَكم بما يُخَفِّفُ عَنِّي ما أنا فيه.
ولكم شُكْرِي وتقديري ودُعائِي لكم بالخير.
14/07/2021
رد المستشار
أهلًا وسهلًا بكَ على موقع مجانين للصحة النفسية.
مشكلة "التَّأتَأَة" قد تكون ذات أصل عضويّ (أي يتسَبَّب فيها مُشكِل في الدماغ)، وقد تكون من أصل نفسي، وهذه الأخيرة تُعالَج عند المُختَصِّين في اضطرابات الكلام من جهة، أو يُعالَج السبب وراءها كأن يكون هناك رُهاب اجتماعي أو صَدْمَة معينة. في كلتا الحالتين ستحتاج مُختَصًّا في الأمر، ولن تُعالِج الوضع وحدك.
بغض النظر عن إِحْباطاتِك بتَفْوِيت مغامرات "حافلة مع الفتيات"، التأتأة تُعتبَر عائقًا اجتماعيًّا ومِهَنِيًّا كبيرًا، وكُلَّما كانت مِهْنَتُك أو وضعك الاجتماعي يُحَتِّمُ عليك التَّدَخُّل الكلامي أو البَرَاعَة الكَلامِيَّة سيكون العائق أكبر. وسعيك لمعالجتها سيُخَلِّصُك من مَتَاعِب كثيرة ويُسَهّلَ عليك الحياة.
كُفَّ عن المقارنات: "الآخرين عندهم فَصَاحة، وأنا لا"، فهذا من قَبِيل "الآخرين لديهم وسامة وأنا لا. الآخرون طِوَال وأنا قصير، إلخ...". فلا فائدة من هذا، فوَضْعُك أنتَ هو شيء مُتَفَرِّد، ويَجِبُ أن تتعامل معه بشكل مُتفَرِّد ومُنفَصِل، لا لتِقَبُّل بالتأتأة فهي غير طبيعية، لكن لتتَقَبَّل أنّكَ لا تمتلك السَّلاسَة في حديثك وهذه ليست نهاية العالم، ةلتبدأ رحلتك العلاجية بثقة وحُبّ أكبر للذات. أمَّا هذه المقارنات فهي تزيدك ضَعْفًا، وربما تزيدك تأتأةً وحِقدًا على المجتمع وعلى نفسك، مِمَّا يُعِيقُ تطَوُّرَك في العَمَلِيَّة العِلاجِيَّة.
واحْذَر من تلك الافتراضات السهلة "لو كنت أَمْلُك فصاحة لتعَلَّقَت بي كل فتاة أقابلها" وما شابه. هذه افتراضات سهلة لأنه تُقَزِّمُ وتَخْتَزِلُ الواقع في معطى واحد (وغالبًا يكون ما يَنقُصُنا)، حيث نَفْتَرِضُ أنَّه إن كان سيكون حلًّا سِحْرِيًّا لكلّ شيء، ونُعطِيهِ تأثيرًا أكبر من حجمه. فالواقع أكثر تعقيدًا من ذلك، فحتى لو كنت فَصيحًا بَلِيغًا شاعِرًا، فهناك أسباب كثيرة أخرى تجعل فتاةً لا تميل لك، كَمَا أنَّ هناك أسباب كثيرة تجعل أخرى تَمِيلُ لكَ.
ابحث عن مُختَصٍّ في علاج اضطرابات الكلام، ولا تتأخر أكثر مِمَّا تأَخَّرت.
الثأثأة أو التأتأة، ساعات وساعات
التأتأة أصل وفصل وطريق العلاج